تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أقوال الأئمة الأربعة في تارك الصلاة]

ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[19 - 03 - 07, 02:43 م]ـ

قال الشيخ عبدالعزيز الطريفي حفظه الله:

وأما الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فالنصوص عنهم في هذا متفاوتة:

فأحمد بن حنبل المشهور عنه القول بالتكفير، نص عليه جماهير أصحابه بل عامتهم، حكاه عنه من أصحابه ابن هانئ والخلال وحنبل بن إسحاق وإسماعيل الشالنجي والحسن بن عبدالله الإسكافي وأبو بكر المروزي والميموني وأبو داود وأحمد بن الحسين بن حسان وابنه عبدالله وأبو طالب والاصطخري في رسالة الإمام أحمد، كما ذكرها بإسنادها ابن أبي يعلى القاضي في كتابه "طبقات الحنابلة".

ولا أعلم عن أحمد نصاً بعدم التكفير إلا ما يفهمه بعض الأصحاب من رواية ابنه صالح حينما سأله عن زيادة الإيمان ونقصانه قال: كيف يزيد ونقص؟ قال (مثل تارك الصلاة والزكاة والحج وأداء الفرائض).

قيل: في هذا دليل على أنَّه يرى أنَّ من ترك الصلاة فإيمانه ينقص لا يزول، وفي هذا نظر:

أولاً: إنَّ قول الإمام أحمد في نقصان الإيمان بترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها، هو ظاهر مذهبه، فإنَّه لا يقول بالكفر، في من هذه حاله، ولهذا قد أخرج في كتابه المسند من حديث قتادة عن نصر قال: جاء رجل منا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأراد أنْ يبايعه على أنْ لا يصلي إلا صلاتين، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك.

ومعلوم عند غير واحد من أصحاب الإمام أحمد أنَّ ما أخرجه في مسنده من حديث ولم يصرح بخلافه، أو كان له في المسألة قولان فإنَّ هذا الحديث الذي أخرجه في مسنده يكون كالنص عنه.

وقد حكى الخلاف في هذه المسألة ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية فقال (ما رواه أحمد في المسند ولم يصرح بخلافه فهل يكون مذهباً له؟ فيه خلاف بين الأصحاب والظاهر أنه لا يخالفه).

وهذا كذلك عند مالك رحمه الله في كتابه الموطأ.

وعليه فإخراج الإمام أحمد لهذا الخبر: أنًَّ النبي صلى الله عليه وسلم بايع رجلاً على أنْ لا يصليَّ إلا صلاتين، دليل على أنْ بقاءه على هذه الحال لا يصلي إلا صلاتين أهون من بقائه على كفره الأصلي، وعليه يقال أنَّّ من ترك صلاة واحدة أو صلاتين في اليوم والليلة حتى يخرج وقتها لا يكفر.

وقد ثبت عن غير واحد من السَّلف القول بالكفر، وهذا مرويٌّ عن الحسن البصري، ونص عليه إسحاق بن راهويه، وهو رواية عن الإمام أحمد على خلاف الظاهر، وهو رواية عن مالك ورواية عن الشافعي نقلهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء.

وعلى هذا يحمل ما جاء في رواية ابنه صالح عن زيادة الإيمان ونقصانه فيمن ترك الفرائض ومنها الصلاة.

ثانياً: أن عامة أصحاب أحمد ينقلون عنه القول بكفر تاركها، فلا يصار إلى ظن ويترك اليقين.

وأما ما جاء في رواية ابنه عبدالله أن أحمد سئل عمن ترك شهراً قال يعيدها.

فيقال: جوابه من وجهين:

الأول: أنه لا يلزم من القول بالقضاء القول بعدم الكفر، فإسحاق بن راهوية يكفر بترك الصلاة، ويرى عليه القضاء إذا تاب، ومثله عبدالله بن المبارك.

وإن كان قولهما لا يستقيم من جهة الخبر، فقد روى محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة من حديث عبدالعزيز ابن أبى رزمة عن ابن المبارك أنه شهده وسأله رجل عن رجل ترك الصلاة أيام وقال: فما صنع؟ قال: ندم على ما كان منه، فقال ابن المبارك: ليقضى ما ترك من الصلاة، ثم أقبل علي فقال: يا أبا محمد هذا لايستقيم على الحديث.

الثاني: إنَّ هذا ليس بصريح، وحكاية عامة، فالترك قد يكون بجهل الوجوب، كالمرأة التي يخرج منها الدم الفاسد، ولا تستفتي تفريطاً منها، وتظن أنَّه حيضٌ، وهو دم فساد، هل يجب عليها أنْ تعيد تلك الصلاة؟ عليه يحمل قول أحمد، ومن ذلك من ترك الصلاة شهراً وهو غير واجد للماء وهو على جنابة ويظن أن التيمم لا يرفع الحدث الأكبر، ومن ذلك من ترك الصلاة شهراً لعدم القدرة على استعمال التراب والماء.

ويحمل المتشابه من قوله على الصريح مما نقله عنه عامة أصحابه.

وأما الإمام مالك فلا أحفظ عنه نصاً ولا قولاً، بكفر تارك الصلاة، أو عدم كفره، وإنمَّا هي حكايات، ونقول تنسب إليه، إلا قتل تاركها نص عليه عنه ابن عبدالبر في "التمهيد" وعن ابن القاسم عنه في "البيان والتحصيل".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير