[الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير (بحث مختصر)]
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[27 - 03 - 07, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلّ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد:
فقد أصبح معروفاً للقاصي والداني جُرأة صلاح أبو عرفة على كتب التفسير واستخفافه بها وبمؤلفيها، وذلك لما حوته من الإسرائيليات، بل ويقول أننا نعبد ابن كثير من دون الله، وقد رأيت أن أجمع كلام العلماء في كتب التفسير وخصوصاً من كلام العلاّمة الدكتور محمد أبو شهبة – رحمه الله تعالى - من كتابه (الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير).
مقدمة:
لقد فصّل العلماء الموقف من الإسرائيليات وبيّنوا أنها على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: ما علمنا صحّته مما بأيدينا من القرآن والسنة، والقرآن هو الكتاب المهيمن والشاهد على الكتب السماوية قبله، فما وافقه فهو حق وصدق، وما خالفه فهو باطل وكذب.
وهذا القسم صحيح، وفيما عندنا غُنيَةٌ عنه، ولكن يجوز ذكره وروايته للإستشهاد به ولإقامة الحجة عليهم من كتبهم ...
وفي هذا القسم ورد قوله صلّى الله عليه وسلم:" بلّغوا عني ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مَقعده من النار " رواه البخاري.
القسم الثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا ما يخالفه، وذلك مثل ما ذكروه في قصص الأنبياء من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ...
وفي هذا القسم ورد النهي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم للصحابة عن روايته والزجر عن أخذه عنهم وسؤالهم عنه، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث " بلّغوا عن بني إسرائيل ولا حرج ": المراد جواز التحّث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما علم كذبه فلا.
ولعلّ هذا هو المراد من قول ابن عباس رضي الله عنهما:" كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحدثُ الأخبار بالله، تقرؤونه محضاً لم يُشب، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدّلوا كتاب الله وغيّروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا: (هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً) " [البقرة 79] أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلاً قطُّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم " رواه البخاري.
القسم الثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا ولا من ذاك فلا نؤمن به ولا نكذّبه لاحتمال أن يكون حقاً فنكذبه أو باطلاً فنصدّقه، ويجوز حكايته لما تقدّم من الإذن في الرواية عنهم.
ولعل هذا القسم هو المراد بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال:" كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويُفسّر بالعربية لأهل الإسلام، فقل رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تُصدّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم وقولوا (آمنا بالذي أُنزل إلينا وأنزل إليكم .. ) الآية [العنكبوت 46] رواه البخاري.ومع هذا: فالأولى عدم ذكره وأن لا نضيع الوقت في الاشتغال به.
رأي العلماء في جامع البيان في تفسير القرآن للإمام ابن جرير الطبري
قال الشيخ د. محمد أبو شهبَة في كتابه الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير: (ومؤلفه هو الإمام الحافظ المفسر الفقيه المؤرخ أبو جعفر محمد بن جرير ... وتفسيره من أجلّ التفاسير بالمأثور وأعظمها قدراً ... وقد حظي تفسير ابن جرير بثناء الأئمة عليه، قال الإمام النووي في تهذيبه (وكتاب ابن جرير لم يصنّف أحد مثله) وقال الشيخ الإمام أبو حامد الإسفراييني شيخ الشافعية (لو رحل رجل إلى الصين حتى يحصل على تفسير ابن جرير لم يكن ذلك كثيراً عليه) وقال الإمام ابن تيمية (هو من أجل التفاسير وأعظمها قدراً) ا ه ص122 - 123.
هذا وقد دافع الشيخ محمد أبو شهبة عن تفسير ابن جرير في ذكره الروايات من غير بيان وتمييز لصحيحها من ضعيفها بأنه من المحدثين الذين يرون أن ذكر السند ولو لم ينص على درجة الرواية يُخَلّي المؤلف عن المؤاخذة والتبعة، وهذا أمر واضح لمن له معرفة في كتب السلف.
رأي العلماء في تفسير الإمام الحافظ ابن كثير
¥