يقول أحد الكتّاب: " ومن التقاليد التي استحدثها الفاطميون ورسخت في عهد المماليك تشييد القباب فوق القبور وإنشاء المساجد فوق قبور الأولياء والبارزين من الرجال ". (1) والفاطميّون هم من الشيعة الغلاة الذين ابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله عز وجل , مثل بدعة " حي على خير العمل " في الآذان , ولعن أبي بكر وعمر في الخطب وعلى أبواب المساجد , وبدع تعظيم القبور والبناء عليها , وبدع يوم عاشوراء من اللطم و الشق , وبدع الاحتفال بالمولد النبوي ... الخ.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: " وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالاً , وكانوا من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم وأنجس الملوك سيرة وسريرة , ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد , وكثر بأرض الشام النصرانية و الدرزية و الحشيشية , وتغلب الفرنج على سواحل الشام [أي بسببهم] حتى أخذوا القدس و نابلس ... الخ. (2)
فإذا عُلم ما سبق فلا يجوز لنا أن نقول على فعلهم هذا أنه جائز وأنه من التراث الإسلامي والمقدسات الإسلامية , لأن عملهم هذا مخالف للكتاب والسنة وهدي سلف الأمة.
وقد جاء في بعض الكتب التصريح بأن هذا المكان حُوِّل إلى مسجد , فقالوا " وقد صار [أي السور المحيط بالمقبرة] مسجداً " (3) , وأيضاً " وقد جُعل الحير [أي السور] مسجداً , وبني حوله دور للزوار " (4). وقالوا:" ما من بناءٍ يقع عليه نظرك إلا ألهمك الغرض الذي أنشأ لأجله من أول وهلة وبأقل عناء , فأنت بمجرد نظرة ترسلها على أي بناء تصادفه تعرف إن كان معبداً , أو حصناً , أو قصراً , أو مدرسة أو ملعباً , كأنما تكلمك حجارته بلسان مبين.
غير أن الأمر على الضد من ذلك فيما يتعلق بالحرم الإبراهيمي. فلو أنا جردناه من البنايات الطارئة عليه في عصورٍ مختلفة كالمآذن , والقباب , والشرفات , وتصورناه سوراً ضخماً لا باب له , ضُرب على رقعة صغيرة من الأرض لأشكل علينا شأنه ولو درنا حوله وتأملناه من أسفله أومن أعلاه ... الخ (5).الفصل الثاني: ذكر المخالفات الشرعية الموجودة في هذا المكان:
المبحث الأول: المقامات الموجودة فيه , وحكمها:إن بناء المقامات والمشاهد على القبور لهو من عمل اليهود والنصارى ابتداءً ثم قلدهم عليه المسلمون لجهلهم انتهاءً , وكانت الدولة الفاطمية هي التي قامت بهذا الفعل , وتتابع الناس على هذا الأمر حتى ظنوا أنه من الإسلام ومن احترام أصحاب القبور.
وحكم بناء أي شيء على القبور من مقامات أو مشاهد أو قباب أو حتى بناء القبور من الأحجار وليس من التراب أو الكتابة عليها , كل هذا حرام لا يجوز في شريعة الإسلام , لما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال:" نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه ". وفي رواية صحيحة لأبي داود " وأن يكتب عليه ".
وهذه المقامات قيل عنها أنها عبارة عن إشارات ومعالم لقبور الأنبياء الموجودة تحت المغارة , ولكن مع ذلك فالإسلام يحكم بالظاهر , والناظر في هذه المقامات يجد أنها تحتوي على القبور , فالحكم هوهو لا يتغير.
وقد قام كثير من الناس بتعظيم هذه المقامات والأضرحة وكسوتها بالأقمشة الفاخرة ووضع البخور والقناديل , وفرشها بالبساط الفاخر , وكل هذا من البدع المنكرة والعياذ بالله.المبحث الثاني: إطلاق القول عليه بأنه حرم.
لا يصح أن يطلق على أي مكان أنه حرم إلا بنص من الكتاب أو السنة , والحرم من التحريم: أي تحريم القيام بأعمال معينة , فهو يترتب عليه أحكام شرعية كعدم جواز الصيد في هذا المكان , وعدم قلع الأشجار وأخذ اللقطة إلى غير ذلك من الأحكام , فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن إبراهيم حرّم مكة , وإني أحرم المدينة ما بين لابتيها " , فأين الدليل على أن هذا المكان قد حُرِّم من الله ورسوله.
¥