تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - أن يسلم دليل التأويل من معارض أقوى؛ فإذا اختل شرط من الشروط فهو تأويل فاسد.

مثال للتأويل الصحيح:

قال الله - عز وجل -: [نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ] (التوبة: 67).

فقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النسيان هنا هو الترك.

وقد دل على هذا التأويل تصريحاً قوله - تعالى -: [وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً] (مريم: 64).

وقوله: [فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى] (طه: 52) [3].

حكم التأويل بمعناه الحادث عند المتأخرين:

1 - قد يكون صحيحاً إذا اجتمعت فيه الشروط - كما مر -.

2 - قد يكون خطأ كتأويلات بعض العلماء الذين أخطأوا في تأويل بعض نصوص الصفات.

3 - قد يكون بدعة كتأويلات الأشاعرة، والمعتزلة.

4 - قد يكون كفراً كتأويلات الباطنية.

سبب ظهور مصطلح التأويل:

يبدو أن ذلك كان إبان ظهور القول بالمجاز الذي هو قسيم الحقيقة.

ومن هنا فإن مصطلحي: التأويل والمجاز متلازمان.

المعنى الثاني من معاني التأويل: التفسير:

التفسير في اللغة: أصل هذه الكلمة مادة: (فسر).

وهذه المادة تدور في لغة العرب حول معنى البيان، والكشف، والوضوح [4].

التفسير في الاصطلاح: هو بيان المعنى الذي أراده الله بكلامه [5].

وعرفه ابن جُزي - ر حمه الله - بقوله: (معنى التفسير: شرح القرآن، وبيان معناه، والإفصاح عما يقتضيه بنصه، أو إشارته) [6].

وعرفه الزركشي -ر حمه الله - بقوله: (علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه " وبيان معانيه، واستخراج حكمه وأحكامه) [7].

وهذا المعنى من معاني التأويل معنى صحيح معروف عند السلف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - ر حمه الله - في معرض حديث له عن أنواع التأويل: (والثاني: أن التأويل بمعنى التفسير.

وهذا هو الغالب على اصطلاح مفسري القرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله من المصنفين في التفسير: (واختلف علماء التأويل).

ومجاهد إمام المفسرين، قال الثوري: إذا جاء التفسير عن مجاهد فحسبك به، وعلى تفسيره يعتمد الشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وغيرهم؛ فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره) [8].

والنصوص الواردة عن العلماء في هذا الصدد كثيرة لا تكاد تحصر، ومنها قول الشافعي في كتابه الأم في أكثر من موضع: (وذلك - والله أعلم - بيِّن في التنزيل مستغنىً به عن التأويل) [9].

المعنى الثالث من معاني التأويل:

الحقيقة التي يؤول إليها الكلام: كما قال - تعالى -: [هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ] (الأعراف: 53).

وهو معنى شرعي معروف عند السلف.

وهذا النوع من التأويل: هو عين ما هو موجود في الخارج، أي أن حقيقة الشيء الموجودة في الخارج - أي الواقع - هي تأويله خبراً كان أم إنشاءاً.

والكلام ينقسم إلى خبر أو إنشاء، وتأويل كلٍّ منهما يختلف عن الآخر - كما سيأتي في الفقرة التالية -.

تفصيل معنى التأويل بمعنى الحقيقة إذا كان خبراً أو إنشاءاً:

قبل الدخول في ذلك يحسن بيان معنى الخبر والإنشاء بإيجاز.

فالكلام ينقسم باعتبار دلالته - عند المتكلمين، والأصوليين، واللغويين، وأهل المعاني من البلاغيين وغيرهم - إلى خبر وإنشاء، وبعضهم يقول: خبر وطلب.

وذلك إذا تكلموا على دلالات الألفاظ.

تعريف الخبر: هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته بقطع النظر عمن أضيف إليه؛ فإذا أضيف إلى الله ورسوله " قطع بصدقه.

والخبر يدور بين الإثبات مثل قوله -تعالى-: [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] (طه: 5).

والنفي مثل قوله -تعالى-: [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ] (الشورى: 11).

ومن أمثلة الخبر في الإثبات جاء زيد، وفي النفي ما جاء زيد، وهكذا ...

تعريف الطلب أو الإنشاء: هو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.

وذلك لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه.

ويدخل تحت الإنشاء أو الطلب أنواع عديدة أشهرها: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والنداء.

فإذا قلت: قم، أو لا تقم، أو هل أنت قائم، أو ليتك تقوم، أو يا قائم - كان كلامك كله داخلاً في باب الإنشاء؛ لأنه لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.

بخلاف ما إذا قلت: جاء زيد، أو ما جاء؛ فذلك داخل في باب الخبر.

هذا وإن أشهر أنواع الإنشاء والطلب: الأمر والنهي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير