ثالثاً: أن يحذف فاعله كقوله تعالى: ? وأنا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ?
14 - المنتقم ليس اسما من أسماء الله، ومن جعل المنتقم اسماً من أسماء الله فقد غلط، وإن قالته بعض الطوائف. فإن المنتقم لم يرد في كتاب الله إلا على وجه الإثبات، قال جل وعلا: ? عزيزُ ذو انتقام ? لم يرد اسماً ولا يصح جعله اسماً كما ذكر ذلك أكابر المحققين.
15 - وأسماء الله تحتها صفات، وتحتها معاني.
أسمائه أو صاف مدحٍ كلها مشتقةٌ قدْ حملت لمعانِ
إياك والإلحاد فيها إنه كفرٌ معاذَ اللهِ من كفرانِ
وحقيقةُ الإلحاد فيها الميل بالإشراك والتعطيل والنكرانِ
16 - قال ابن عقيل رحمه الله: (أنا ما أقيس إيماني عند الازدحام عند أبواب المساجد ولا في الحج ((لبيك اللهم لبيك)) انظر إيماني وأقيسه أين يفزع قلبي عند حدوث النكبات والشدائد).
17 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ترك الأسباب بالكلية قدح في مقام التوحيد والاعتماد على الأسباب دون الله شرك في التوحيد.
18 - (فإن أول ما خلق الله القلم قال له أكتب، قال ما أكتب؟ قال أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) رواه أحمد وغيره بسند قوي.
19 - قوله: ? إلا ليعبدون ? إلا ليوحدون كما قاله ابن عباس ومجاهد وجماعة وقيل: إلا لآمرهم وأنهاهم.
[الشريط الثاني]
20 - اختلفت عبارات الأئمة في تعريف التوحيد:
قال صاحب المنازل: ((التوحيد تنزيه الله عن المحُدَث)) وهذا ليس بشيء، ولا يدل هذا على التوحيد الذي بُعثت به الرسل وأنزلت من أجله الكتب ومن أجله شرع الجهاد وافترق الناس به إلى شقي وإلى سعيد.
فإن تنزيه الله عن المحدثات هو نوع من أنواع توحيد الربوبية الذي أقر به كثيرٌ من المشركين، فالتوحيد الذي ذكره صاحب المنازل ليس هو التوحيد الذي بعثت به الرسل. وحينئذٍ يصبح هذا التعريف غير صحيح.
وقال الجُنَيد: ((التوحيد إفراد القديم عن المحُدَث)) وهذا تعريفٌ يحتاج إلى زيادة شرح وتوضيح. فإن هذا الإفراد نوعان، لأنه يقول إفراد القديم عن المحدث وهذا الإفراد نوعان:
النوع الأول: إفرادٌ في الاعتقاد بحيث يثبت أسماء الله وصفاته ولا يشبّه ولا يمثل، فإن تمثيل صفات الله بصفات خلقه قدحٌ وطعنٌ في هذا الإفراد.
النوع الثاني: إفراد القديم من المحدث في العبادة من التأله والحب والخضوع والإنابة والتوكل والخوف والنذر والذبح ونحو ذلك.
وبهذا التفصيل يكون المعنى واضحا، غير أن اللفظ قد لا يعيه البعض وبما أن التوحيد هو الذي أرسلت به الرسل وأنزلت من أجله الكتب ينبغي أن يكون تعريفه واضحاً لكل أحد.
فإن الحاجة كلما اشتدت في معرفة شيء وكلما دعت إليه الضرورة واستجابت له الفطرة ينبغي أن يكون واضحاً لا لبس فيه.
التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة، قال تعالى: ? أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره ? وقوله: ? أن اعبدوا الله ? أي وحدوا الله قوله: ? مالكم من إله غيره ? هذا هو التوحيد، وقال تعالى: ? يا أيها الناس اعبدوا ربكم ? أي وحدوا ربكم. وقال تعالى: ? أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ? قوله: ? أن اعبدوا الله ? أي أفردوه بالعبادة والعبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة)) هذا تعريف شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم لمعنى العبادة.
21 - (غير أن التوحيد له قشران) هذا الكلام كله لأبي حامد الغزالي في الإحياء في أوائله، قد رجعت إليه فإذا المؤلف قد نقله بحروفه، قد تصرف في بعض العبارات تصرفاً يسيراً لا يخل بالمعنى، ولم أرى هذه العبارة لأحد من الأئمة السابقين ولا استقاها أحدٌ من الأئمة المحققين أمثال ابن تيمية وابن القيم عليهما رحمه الله لأن المؤلف حين قال إن التوحيد له قشران جعل القشر الأول هو القول باللسان، والقشر الثاني هو اعتقاد القلب وجعل شيء وراء ذلك وفوقه هو اللباب، وإن كان قصدُ المؤلف واضحاً والمعنى الذي يريد أن يوصله إلى أفهام الناس هو معنى واضح، إلا أن في قوله نظراً، لأننا حين نرجع معنى القشر في اللغة هو غشاء الشيء نجد أن عقيدة القلب ليست من الغشاء بخلاف لفظ اللسان هذا الأمر الأول. والأمر الثاني: أن الأصل الذي دعت إليه الرسل هو ما سماه المؤلف بالقشرة.
¥