47 - قُرِء ? مالك يوم الدين ? وقُرِءَ ? ملِكِ يوم الدين ?، ملك جاءت في سنن أبي داود في كتاب صلاة الاستسقاء من طريق يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ? حين خطب الناس للاستسقاء، قال أبو داود رحمه الله تعالى عقب هذا الخبر وهذا حديث غريب إسناده جيد، وأهل المدينة يقرءون ? ملِكِ يوم الدين ? وإن هذا الحديث حجةٌ لهم.
وهذه القراءة هي قراءةُ ابن كثير ونافع، وأبي عمرو، وابن عامر، وحمزة.بينما قرأ عاصم والكسائي ? ماَلِك يوم الدين ?.
والملك أبلغ من المالك فكل مَلِكٍ مالك، وليس كل مالك ملكا.
48 - أول أمر في القرآن هو الأمر بالتوحيد كما قال تعالى: ? يا أيها الناس اعبدوا ربكم ? والعبادة هنا بمعنى التوحيد، اعبدوا: أي وحدوا ربكم. وأول نهي في القرآن هو النهي عن الشرك، قال تعالى: ? فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ?
49 - الشرك الأصغر، أحسن ما قيل في تعريفه: هو ما سماه الشارع شركاً ولم يصل إلى الأكبر وقد قيل في تعريفه: ما كان وسيلة إلى الأكبر، ويمكن جمع التعريفين فيقال: الشرك الأصغر: ما سماه الشارع شركاً ولم يصل إلى الأكبر، أو كان وسيلة إليه.
50 - لا يخلد في النار إلا أصحاب الشرك الأكبر والكفر المخرج عن الملة فاليهود والنصارى والمشركون والدهريون والكفار مخلدون في النار.
أما الشرك الأصغر فصاحبه لا يخلد في النار، وقد قيل: إنه لابد من عذابه فإنه لا يُغفر له من أول وهلة، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وذهب الجمهور إلى أنه داخل في قوله الله جلا وعلا: ? ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ?، وهذا هو الأصح، لأنه إذا ثبت دخوله في قوله الله تعالى: ? إن الله لا يغفر أن يُشرك به ?، فليس ثَمَّ دليل في إخراجه، فنحن لا ندخله أولاً في هذا الآية لأنها في سياق الشرك الأكبر، فحينئذٍ يبقى داخلاً في قوله تعالى: ? ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ? لأن الله حكم على المشرك بالخلود في النار.
وهذا من الأمر المقطوع به، ولم يرد لفظ الشرك في القرآن، إلا ويراد به الأكبر، وإنما جاء ذكر الشرك الأصغر في السنة والمتواترة عن رسول الله ?.
51 - ذكر بعض أهل العلم نوعاً ثالثاً لأنواع الشرك فقال الشرك الخفي والصحيح أن الشرك نوعان: أكبر وأصغر، والخفي منه ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر، فإن بعض أنواع الشرك الخفي كفر أكبر لا نزاع فيه.
52 - قوله تعالى: ? ملك يوم الدين ? هذه الكلمة الواحدة، وعلى القراءة الأخرى: ? مالك يوم الدين ? فيها جميع أنواع التوحيد، ولكن هذا يحتاج منا إلى تأمل في معاني القرآن، وتأمل في هذه الكلمات العظيمة والجمل الكبيرة، حين نقول مَلِك ونقول بأن الملك هو الآمر الناهي إذاً هذا لا بد من توحيد الربوبية، إذا لا يمكن أن نقول اسم بلا مسمى فهذا كفرٌ اتفاقا.
وحين نقول بأن معنى الملك هو الآمر الناهي فهذا في توحيد الإلهية حيث يؤمرون بالتكاليف وينهون عما نهاهم الله عنه.
وحين نقول ((يوم الدين)) وهو يوم الجزاء والحساب فهذا فيه توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية معاً، حيث أن الله جل وعلا حين قال مالك يوم الجزاء والحساب إذاً فيه جنة ونار فيه ثواب وعقاب، وعلى أي أساس الجنة والنار؟! على ما أمروا به من قبل، ونهوا عنه من قبل وتوحيد الأسماء والصفات الملك فهذه الجمل اليسيرة فيها جميع أنواع التوحيد، هي فيها التوحيد كله لمن تأمل.
53 - قوله تعالى: ? ألا له الخلق والأمر ? في هذه الآية مئات الفوائد أذكر بعضها:
فيه إثبات توحيد الربوبية، وفيه إثبات توحيد الإلهية، وفيه الرد على القدرية، وفيه الرد على المجوس، وفيها التفريق بين الخلق والأمر، فيها الرد على الجهمية وسائر الطوائف المنحرفة التي لا تفرق بين الخلق والأمر فتجعل كلام الله مخلوقاً تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، فإن الله فرق بين الخلق وبين الأمر فالخلق خلق، والأمر أمر، وفيه أيضاً إثبات صفة الكلام لله جل وعلا، قال تعالى: ? إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول ? وقال الله تعالى: ? وكلم الله موسى تكليماً ?، ? وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ?، ? منهم من كلم الله ?، ? ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه الله ?.
¥