57 - قال المؤلف: (وكانت عقد السحر إحدى عشرة عقدة): قال الشيخ سليمان: جاء هذا عند البيهقي في دلائل النبوة من حديث ابن عباس وجاء ذلك أيضاً عند ابن سعد في الطبقات ولا يصح من ذلك شيء. ثم قال (فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية فانحلت بكل آية عقدة) قال الشيخ أبو عبد الله: وفي ذلك نظر، ففي الحديث السابق حديث جرير عن بيان المخرج في صحيح الإمام مسلم عن قيس بن أبي حازم عن عقبة أن النبي ? قال: (ألم ترى آيات أنزلت الليلة لم يرى مثلهن قط)، ? قل أعوذ برب الفلق ?، ? قل أعوذ برب الناس ?. وليس في شيء من طرق هذا الحديث تقييد ذلك بالسحر، أو ربط ذلك بوقوع السحر والحديث الوارد حديث ابن عباس المتعلق بقضية أن الله حين أنزل هذه الآيات انحلت بكل آية عقدة هذا غير صحيح ولم يثبت في ذلك خبر يمكن الاعتماد عليه.
[الشريط السادس]
58 - قال تعالى: ? فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ? أي إذا أردت قراءة القرآن على رأي أكثر أهل العلم. وهذه الاستعاذة مستحبة عند جمهور أهل العلم منهم الأئمة الأربعة.
وقيل في قوله تعالى: ? فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ? إي إذا شرعت في القراءة فاستعذ، وهذا منقول عن طائفة من الصحابة والتابعين وبعض أهل العلم والصحيح القول الأول. كقوله تعالى: ? يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ? أي إذا أردتم القيام، ومثل قوله تعالى: ? إذ قلتم فاعدلوا ? أي قبل أن تقولوا يجب عليكم العدل وإذا تلفظتم يكون الكلام بعدل. ? فإذا قرأت القرآن ? أي إذا أردت قراءه القرآن، ونظيره على الصحيح ما جاء في الصحيحين وغيرهما حديث شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس: أن النبي ? (كان إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث))) أي إذا أراد أن يدخل الخلاء ولهذا نظائر.وقال بعض أهل العلم أيضاً: بأن الاستعاذة واجبة بينما حكى الطبري وغيره الإجماع على السنية، وهذا الأظهر فإن الأمر في قول الله جل وعلا ? فاستعذ بالله ? للاستحباب للأدلة الدالة على ذلك وهي كثيرة.
إذا تستحب الاستعاذة في بداية السور وفي أوساطها، يستعيذ في بداية السور ثم يُبسمل وفي الأوساط يقتصر على الاستعاذة.
وهي لجوءٌ إلى الله جل وعلا كي يعصمه من الشيطان الرجيم، كي لا يشغل باله ولا يشوش على أفكاره.
59 - جاء ذكر الصفات في حديث (إنها صفة الرحمن) والحديث متفق على صحته، وفي حديث ابن عباس الأثر الذي رواه عبد الرزاق بسند صحيح حين سمع حديثاً في الصفات.
وقد أنكر أبو محمد رحمه الله، أي الإمام ابن حزم، ورود لفظ الصفات في الكتاب أو السنة، وهذا خلاف الإجماع المتفق عليه بين أهل السنة، وهذا الإجماع مستمد من الكتاب والسنة وأقاويل الصحابة ?.
والإمام ابن حزم لا يقصد من وراء ذلك إلا تعظيم الكتاب والسنة ولو ثبت عنده شيء من ذلك لَمَا عارضه، وإن كان الشيء قد يثبت عنده فيتأوله على خلاف وجهه بدافع نصرة مذهب أهل الحديث، ونصرة الحق، ونحو ذلك، وإنما نعتبر الرجل بأصوله التي ينتمي إليها، وقد عُلِمَ عن أبي محمد رحمه الله تعظيم الكتاب والسنة وانتمائه إلى ذلك، وإن زل قدمه في مواضع من الأسماء والصفات عفا الله عنه.
60 - يمكن أن نُقَسِّم الأسماء إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم لا يصح إطلاقه إلا على الله، كاسم الله وكالخالق ونحو ذلك.
القسم الثاني: قسم مشترك يصح إطلاقه على الله ويصح إطلاقه على المخلوق كالحكم.
الحكم: اسم من أسماء الله جل وعلا ويصح إطلاقه على المخلوق فإن بعض الصحابة تَسَمَّى باسم الحَكَم كالحَكَم بن عَمْرو الغفاري ولم يغير النبي ? اسمه.
فإن قيل في الحديث المشهور الذي رواه أحمد وغيره (في الرجل الذي يتسمى بأبي الحكم، قال له النبي ?: ((ما أحسن هذا)) حين قال له: ((إن قومي إذا اختلفوا في شيء فحكمت لهم فرضي كلا الفريقين)) قال: ((فما أحسن هذا)) فما لك من الولد ... ) الحديث النبي ?قال: (أنت أبو شريح)
الجواب: أن الرجل حين لوحظ فيه الوصف، وأطلق عليه على معنى الوصف فكان يسمونه بالحكم، لكونه يُرضى بحكمه ولاحظوا الوصف منعه النبي ? من ذلك.
وحين لم يُلاحظ ذلك في الحكم بن عمرو الغفاري لم يغيره النبي ?، حكيم أيضاً من أسماء الله جل وعلا والمخلوق يسمى بحكيم.
¥