وتسكينةٍ أبداً شاهد
وفي كل شيء له آيةٌ
تدل على أنه واحدُ
وهذا الأبيات تنسب لابن المعتز، وقيل لأبي العتاهية.
ومما يُذْكر أيضاً وينسب لأبي نواس:
تأمل في رياض الأرض وانظر
إلى آثار ما مصنع المليكُ
عيونٌ من لجينٍ شاخصاتٌ
بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على قُضُبِ الزبرجدِ شاهداتٌ
بأن الله ليس له شريكُ
أي لا في خلقه ولا في رزقه ولا في عبادته، كما أنه ليس له شريك يخلق ويرزق. إذاً ينبغي أن لا يكون له شريك في العبادة وهذا واضح فليتأمل العبد هذا المقام فإنه مقام عظيم.
[الشريط الثامن]
69 - الشرك بمعنى الكفر عند طائفة من أهل العلم، لقول الله جل وعلا: ? إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ? قالوا: بأن الكفر داخل في هذه وإلا الآية فيقتضي بأن الكفر دون الشرك، واستدلوا أيضاً بأدلة من الكتاب والسنة ومن حيث النظر.
والقول الثاني: أن كل شرك كفر، وليس كل كفرٍ شركاً، وذلك لقوله تعالى: ? لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ? فالعطف هنا يقتضي المغايرة، لأن الله جل وعلا قال: ? من أهل الكتاب والمشركين ? فأهل الكتاب كفار وهم اليهود والنصارى، عطف الله جل وعلا المشركين على أهل الكتاب فالعطف عندهم يقتضي المغايرة. قالوا فهذا دليل على مغايرة الشرك عن الكفر لأن الشرك هو تسوية غير الله بالله هو من خصائص الله، قالوا: وأما الكفر فهو الديانة بديانة أخرى أو ترك الدين بالكلية حيث لا يعبد معه غيره. ولا يلزم من هذا أن يكون الشرك أعظم من الكفر، فقد يكون الكفر أعظم من الشرك، فالذي يدين بدبن بالإسلام ويعبد مع الله إله آخر هذا مشرك لكنه أخف كفراً ممن ليس له دين أصلاً.
70 - وقد اعترف عقلاء المتكلمين بفساد هذا المسلك وضلال هذا المذهب وقد قال بعض المتكلمين:
نهاية إقدام العقول عقال
وأكثر سعي العالمين ضلالُ
وأرواحنا في وحشة من جسومنا
وغاية دنيانا أذىً ووبالُ
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
سوى أن جمعن فيه قيل وقالوا
وقال آخر:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها
وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرى إلا واضعاً كف حائرٍ
على ذقنٍ أو قارعاً سن نادمِ
وقال آخر ((يا ليتني أموت على عقيدة إحدى عجائز نيسابور))، لأن العجوز تموت على أصل الفطرة وهؤلاء خارجون عما جاءت به الرسل ومتناقضون في أقوالهم وأفعالهم.
ويقول الرازي: ((لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات ? الرحمن على العرش استوى ? و ? إليه يصعد الكلم الطيب ?وأقرأ في النفي ? ليس كمثله شيء ?، ? ولا يحيطون به علما ?ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي))
71 - ولابن تيمية رحمه الله كلام جميل ذكره رحمه الله تعالى في الفتاوى حول هؤلاء القدرية الخائضين في هذا المقام بالضلال المتكلمين فيه بغير علم قال: ((إن أهل الضلال الخائضين في القدر انقسموا إلى ثلاث فرق، مجوسية ومشركية وإبليسية.
الفرقة الأولى المجوسية: الذين كذبوا بقدر الله، وإن آمنوا بأمره ونهيه فغلاتهم أنكروا العلم والكتاب ومقتصدوهم أنكروا عموم مشيئته وخلقه وقدرته.
الفرقة الثانية المشركية: الذين أقروا بالقضاء والقدر وأنكروا الأمر والنهي قال الله جل وعلا: ? وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ?فمن أحتج على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء.
الفرقة الثالثة الإبليسية: الذين أقروا بالأمرين ولكن جعلوا هذا متناقضاً من الرب، وطعنوا في حكمته وعدله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
وأهل السنة والجماعة والفرقة الناجية يؤمنون بالقدر خيره وشره، وذلك من مقتضى ما جاء في الكتاب وتواترت به النصوص عن النبي ? والإيمان بالقدر هو الإيمان بأن الله تعالى عليم بما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً. وأن الله جل وعلا كتب ذلك في اللوح المحفوظ، ويؤمنون أيضاً بقدرته ومشيئته النافذة الشاملة.
72 - قال المؤلف: (ولهذا شبههم الصحابة ? بالمجوس، كما ثبت عن ابن عمر و ابن عباس ?.
وقد روى أهل السنن فيهم ذلك مرفوعا أنهم مجوس هذه الأمة) قال الشارح: قوله (قد روى أهل السنن) الصحيح أنه لم يروي هذا الحديث كل أهل السنن.
¥