78 - تحري الدعاء عند قبور الصالحين فهذا بدعة، يقولون: ((قبر فلان الترياق المجرب))، وقد يخيل إليهم الشيطان أن الدعاء عند القبر مستجاب، وقد يفتنون فيستجاب حقيقةً إذا دعوا عند هذا القبر.
ولا يعني أن هذا مشروع أو أن هذا مباح أو أن هذا ليس ببدعة، هذا بدعة ووسيلة من وسائل الشرك.
79 - صرح أكثر أهل العلم بتحريم اتخاذ القبور مساجد، وبتحريم بناء المساجد على القبور لما في ذلك من الغلو والتدرج إلى الوقوع في الشرك.
وقالت طائفة: بكراهية ذلك وهذه الكراهية محمولة على التحريم فإن الأحاديث متواترة عن رسول الله ? في تحريمه لذلك، والظن بأهل العلم أنهم لا يكرهون ما حرمه النبي ? إلا إذا كان باعتبار كراهية التحريم، ولا يخالفون ما تواترت به النصوص.
80 - قال ?: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد).
وهذا الخبر رواه البخاري معلقا دون ((آخره أيضاً)).ورواه مسلم من طريق شعبة عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله أن النبي ? قال: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس) ورواه الإمام أحمد في مسنده من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن ابن مسعود باللفظ الذي ذكره المؤلف: ((إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)). وقد حسن إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي.
81 - لا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر فأيهما طرأ على الآخر وجب إزالته ولهذا تحرم الصلاة في مسجد فيه قبر.
واختلف الفقهاء فيمن صلى، هل تبطل صلاته ويجب عليه الإعادة أم تصح مع الإثم، قولان للفقهاء.
القول الأول: أن الصلاة باطلة ويجب عليه إعادتها أبدا، وهذا مذهب الإمام أحمد وأبي محمد ابن حزم عليهما رحمه الله.
القول الثاني: ذهب الإمام الشافعي ومالك وطائفة من أهل العلم بل هو قول الجمهور إلى صحة الصلاة، قالت طائفة بالكراهية وقالت طائفة مع التحريم وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تصح مع التحريم.
ولكن ينبغي للإنسان وإن قلنا بالقول الأول أو القول الثاني أن لا يصلي أصلاً، لأن النزاع في صحة الصلاة وليس في ابتداء الصلاة.
فهم لا يجوزِّون ابتداء أن تصلي في مسجد فيه قبر، لكن لو صليت هل تصح أم لا تصح قولان، لكن ابتداء لا تصلي أصلاً ولا تدخل هذا المسجد، ولو صليت وحدك، فصلاتك وحدك أولى من صلاتك في مسجد فيه قبر ولو مع جماعة.
السبب في ذلك: حماية لمقام التوحيد.
82 - قال ?: (لعن الله زُوَّاراتِ القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج). الحديث الذي فيه (والمتخذين عليها المساجد والسرج) جاء بلفظ (لعن الله زائرات القبور) والحديث الذي فيه ((لعن الله زوارات القبور)) جاء بغير الزيادة (والمتخذين عليها المساجد والسرج).
هذا الحديث: (لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه. من طريق محمد بن جُحادة عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي ?، وأبو صالح هو باذان قال عنه الإمام مسلم ((أبو صالح اتقى الناس حديثه ولا يثبت له سماع من ابن عباس)).
والشطر الأول: ((لعن الله زائرات القبور)) له شواهد سوف يأتي.
والشطر الثاني: ((والمتخذين عليها المساجد والسرج)) قوله ((والمتخذين عليها المساجد)) هذه اللفظة متواترة، تواترت النصوص عن النبي ? في تحريم اتخاذ القبور على المساجد والعكس.
قوله: ((والسرج)) الاتفاق قائم على تحريم إيقاد المقابر وجعل السرج عليها.
ولكن قالت طائفة: بالتحريم و قالت طائفة: بالكراهية ولم يرخص أحدٌ بالجواز مطلقاً.
إنما رخص طائفة أهل العلم للحاجة والضرورة وهذا واضح من فعل النبي ? وفعل الصحابة، كأن نريد أن ندفن الرجل ليلاً فلا مانع من أن نستصعب سراجاً لدلالة الطريق دون تنوير كل المقبرة. وإنما نُنَوِّر ما نحتاج إليه دون فتح المجال لتنوير كل المقبرة قوله: (لعن الله زائرات القبور)، روى الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى عن قتيبة ابن سعيد قال حدثنا أبو عوانة عن عمر ابن أبي سلمه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ? (لعن زوارات القبور) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
¥