ورواه ابن حبان في الصحيح بلفظ ((لعن الله زائرات القبور)).
83 - أهل العلم مختلفون في حكم زيارة النساء للقبور على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم،، لحديث أبي هريرة ولحديث أم عطية في الصحيحين ((نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا)).
قالوا: إذا كانت المرأة منهية عن اتباع الجنائز فلأن تنهى عن زيارة المقابر من باب أولى.
قولها: ((ولم يعزم علينا)) أجابوا عنه بوجهين:
الوجه الأول: أن هذا ظنها.
الوجه الثاني: ((ولم يعزم علينا)) أي:لم تُأكَّد النهي علينا.
القول الثاني: الكراهية دون التحريم، وهذه رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى
القول الثالث: الجواز بدون كراهة، إذا أُمنت الفتنة فإذا لم تؤمن الفتنة مُنع مطلقاً، وهذا هو قول الجمهور.
والقول الأول: أقوى وهو تحريم زيارة النساء للمقابر مطلقاً وهو اختيار الشيخين ابن تميمة وابن القيم رحمهما الله تعالى وينبغي التنبه لما قاله الجمهور، حيث جوزوا زيارة النساء للمقابر قالوا: إذا أُمنت الفتنة، والآن الفتنة ما أُمنت على بعض الرجال فكيف على النساء، فنحن نرى كثيراً من الرجال والأغبياء في كثير من العالم الإسلامي يطوفون حول القبور ويعظمون القبور، وإذا ذهبوا للمقابر جلسوا يدعون يعتقدون أن الدعاء مستجاب عند هذا القبر.
84 - ترى بعض الأغبياء والجهلة يقرأ بعض سور من القرآن عند هذا القبر ولاسيما قراءة سورة يس، ولا يصح في ((يس)) حديث صحيح ولا يثبت في ((يس)) حديث، كل الأحاديث الواردة في ((يس)) ضعيفة مطلقاً بدون استثناء، كل حديث ورد في فضل يس أو في قراءة ((يس)) عند الاحتضار أو في غير ذلك كلها ضعيفة لا يصح فيها حديث فكيف بقراءتها عند القبور.
قراءة القرآن عند المقابر من البدع، هذه عبادة، والأصل في العبادة البطلان والتحريم حتى يثبت دليل، فإذا لم يثبت دليل فالأصل البطلان.
وفي الصحيحين من حديث القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي ? قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
البدعة هي الإحداث في الدين بدون دليل، وأيُّ دليل عندهم حين يقرؤون القرآن عند المقابر.
نحن نعلم أن النبي ? قال: (لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبورا) فنحن نعلم إذا قرأنا القرآن في البيت ما اتخذنا البيت قبراً، فَعُلِمَ النهي عن قراءة القرآن في المقابر فينبغي التنبه لهذه القضية.
وإنما يجوز تلاوة بعض الآيات تبعاً للوعظ عند القبر لأن النبي ? حين وعظ عند القبر في حديث علي، والحديث في الصحيحين، تلا بعض الآيات ((وأما من أعطى وأتقى)) إلى آخر الآيات، وبَوَّب على هذا البخاري قال: باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله.
والموعظة عند القبر مشروعة في بعض الأحيان للعالم الذي ينظر لقوله ويستمع لرأيه ويجلسون وينصتون، أما الاستمرار في ذلك والمداومة على الوعظ عند القبر فلا دليل عليه.
لأننا نعلم علم اليقين أن النبي ? دخل مراراً المقابر مُتَّبِعاً لجنازة فلان والآخر والثاني والثالث. والعاشر ولم يعظ عند القبر، فوعظ تارة وترك تارة، ففعله سنة وتركه سنة.
وكذلك لأهل العلم والفضل الذين ينظر لقولهم ليس لآحاد الناس الذي لا يلتفت إليه أحد، الناس يتحدثون وهذا قائم وهذا جالس وهذا في شغل آخر ولا يلتفتون لرأيه، إنما إذا وعظ العالم الذي ينظر لقوله كما كان النبي ? يفعل حينئذٍ ينصتون له ويستمعون لرأيه ويجلسون ويستفيدون من ذلك.
وبعض أهل العلم ما يرى الوعظ عند القبر مطلقاً. يقول: لأن الصحابة ما فعلوا ذلك، وفعلاً لم ينقل عن صحابي قط أنه كان يعظ عند القبر.
85 - قال ? (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) هذا الحديث رواه مالك في الموطأ، وابن سعد في الطبقات من طريق زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي ?، وعطاء بن يسار تابعي وليس بصحابي فالحديث مرسل صحيح.
ورواه ابن عجلان عن زيد بن أسلم مرسلا، ولم يذكر عطاء والأول اصح، وللحديث شاهد رواه الإمام أحمد والحميدي في مسنده من طريق حمزة بن المغيرة الكوفي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ? قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وحمزة بن المغيرة قال عنه ابن معين ليس به بأس، والحديث إسناده جيد.
¥