تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. عن زينب بنت أم سلمة قالت: قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأَيْفَعُ الذي ما أحبُّ أن يدخل عليَّ. فقالت عائشة: أما لك في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسوة؟ قالت: إنَّ امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إنَّ سالما يدخل عليَّ وهو رجلٌ، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "أرضعيه حتى يدخل عليك".

أخرجه مسلم (1453/ 29)، وأحمد (24163)، والنسائي (3319)، وابن ماجة (1947)، والدارمي (2257)، وابن حبان (4213) وغيرهم.

قال النووي في " شرح مسلم" (5/ 377):" الأيفع؛ هو بالياء المثناة من تحت، وبالفاء، وهو الذي قارب البلوغ، ولم يبلغ، وجمعه أيفاع، وقد أيفع الغلام، ويفع، وهو يافع".

وقال في "النهاية" (5/ 299 ط: دار الفكر): " أيفع الغلام فهو يافع، إذا شارف الاحتلام ولمّا يحتلم".

قال الحافظ ابن حجر في" الفتح" (9/ 69 ط: دار مصر للطباعة):

" ... وقال عبد الرزاق عن ابن جريج: قال رجل لعطاء إنَّ امرأة سقتني من لبنها بعدما كبرت أفأنكحها؟ قال: لا. قال ابن جريج: فقلت له: هذا رأيك؟ قال: نعم. كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها. وهو قول الليث بن سعد، وقال ابن عبد البر: لم يختلف عنه في ذلك. قلت: وذكر الطبري في " تهذيب الآثار " في مسند علي هذه المسألة، وساق بإسناده الصحيح عن حفصة مثل قول عائشة، وهو مما يخص به عموم قول أم سلمة: " أبى سائر أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يُدخلن عليهنَّ بتلك الرضاعة أحداً" أخرجه مسلم وغيره" ا. هـ

وجاء في " زاد المعاد" (5/ 517) ـ وهو كلام ابن حزم بعينه في "المحلّى" (10/ 210) ـ ما نصُّه:

"قال المثبتون للتحريم برضاع الشيوخ: قد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحة لا يمتري فيها أحد أنه أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة، وكان كبيرا ذا لحية، وقال: "أرضعيه تحرمي عليه" ... فهذه الأخبار ترفع الإشكال، وتبين مراد الله ـ عز وجل ـ في الآيات المذكورات أن الرضاعة التي تتم بتمام الحولين أو بتراضي الأبوين قبل الحولين إذا رأيا في ذلك صلاحا للرضيع إنما هي الموجبة للنفقة على المرأة المرضعة، والتي يجبر عليها الأبوان أحبا أم كرها. ولقد كان في الآية كفاية من هذا لأنه ـ تعالى ـ قال: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة 233] فأمر الله ـ تعالى ـ الوالدات بإرضاع المولود عامين، وليس في هذا تحريم للرضاعة بعد ذلك، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين، وكان قوله ـ تعالى ـ: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" [النساء 23] ولم يقل في حولين، ولا في وقت دون وقت زائداً على الآيات الأخر، وعمومها لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه تخصيص له، لا بظن ولا محتمل لا بيان فيه، وكانت هذه الآثار ـ يعني التي فيها التحريم برضاع الكبير ـ قد جاءت مجيء التواتر؛ رواها نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وسهلة بنت سهيل وهي من المهاجرات، وزينب بنت أم سلمة وهي ربيبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ورواها من التابعين القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وحميد بن نافع، ورواها عن هؤلاء الزهري، وابن أبي مليكة، وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، ثم رواها عن هؤلاء أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة، ومالك، وابن جريج، وشعيب، ويونس، وجعفر بن ربيعة، ومعمر، وسليمان بن بلال، وغيرهم، ثم رواها عن هؤلاء الجم الغفير، والعدد الكثير، فهي نقل كافة لا يختلف مؤالف ولا مخالف في صحتها ... " ا. هـ

مسالك المانعين من رضاع الكبير ـ وهم الجمهور ـ في التعامل مع حديث سالم:

المسلك الأول: القول بأنَّ إرضاع سالم خاصٌّ به، ولا يأخذ حكمَه غيرُه؛ لأنَّ رضاع الكبير لم يأت ذكره إلا في قصته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير