تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن خويز منداد: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم هو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا، ويهجر ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها أستتيب منها انظر جامع بيان العلم وفضله، ص 366 ..

صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه هجر كعب بن مالك وصاحبيه - رضي الله عنهم - أخرجه البخاري عن كعب بن مالك، فتح الباري ج 8 ص 113، والبغوي في شرح السنة، 1\ 224.، لما تخلفوا عن غزوة تبوك، وظهرت معصيتهم، وأمر - صلى الله عليه وسلم - بهجرهم حتى أمرهم باعتزال أزواجهم من غير طلاق خمسين ليلة، إلى أن نزلت توبتهم من السماء.

وكذلك أمر عمر - رضي الله عنه - المسلمين بهجر صبيغ بن عسل التميمي لما رآه من الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب إلى أن مضى عليه حول، وتبين صدقه في التوبة، فأذن عمر للناس

(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 228)

بمجالسته أخرجه الدارمي عن نافع، سنن الدارمي ج 11 ص 55 ..

فبهذا ونحوه رأى المسلمون أن يهجروا من ظهرت عليه علامات الزيغ من المظهرين للبدع، الداعين إليها، والمظهرين للكبائر، فأما من كان مستترا بمعصية أو مسرا لبدعة غير مكفرة، فإن هذا لا يهجر، إنما يهجر الداعي إلى البدعة، إذ الهجر نوع من العقوبة، وإنما يعاقب من أظهر المعصية قولا أو عملا، وأما من أظهر لنا خيرا فإنا نقبل علانيته ونكل سريرته إلى الله تعالى، فإن غايته أن يكون بمنزلة المنافقين الذين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله.

لهذا كان الإمام أحمد ومن كان قبله وبعده من الأئمة كمالك وغيره لا يقبلون رواية الداعي إلى بدعة، ولا يجالسونه بخلاف الساكت انظر مجموع فتاوى ابن تيمية، ج 24 ص 174، 175 ..

هذا وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن افتراق هذه الأمة، وظهور أهل الأهواء والبدع فيهم، وحكم النجاة لمن اتبع سنته وسنة أصحابه -رضي الله عنهم -، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حيا وميتا، فلا يسلم عليه إذا لقيه، ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته، ويراجع الحق.

والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من

(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 229)

التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان ذلك في حق الدين فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا، بدليل هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة الذين تخلفوا حتى تابوا انظر شرح السنة للبغوي، ج 1 ص 224.لما خاف عليهم من النفاق.

قال ابن عمر في أهل القدر: أخبرهم أني بريء منهم، وأنهم مني براء انظر شرح السنة للبغوي، ج 1 ص 227، 228 ..

وفي ضوء ما سبق فإن الإنكار على أهل البدع يكون واجبا على من قدر عليه.

المطلب الثاني: في الإنكار على من يخالف لهوى في نفسه أو إرضاء لغيره:

الخلاف الناشئ عن هوى مضل ليرضي غيره، أو ليحمد من الناس، وينال الغلبة على أقرانه عند الحكام، أو الظهور بمظهر العالم المستوعب للحياة ومشكلاتها عند وسائل الإعلام لا عن تحري قصد الشارع والالتفات إلى الأمر والنهي، أو التخيير فهو خلاف باطل إطلاقا؛ لأن العمل لا بد له من حامل يحمل عليه، وداع يدعو إليه، فإذا لم يكن لتلبية الشارع مدخل فليس إلا مقتضى الهوى والشهوة، وما كان كذلك فهو باطل إطلاقا.

روى الإمام مالك في الموطأ انفرد به الإمام مالك، ورواه في جامع الصلاة رقم 418 عن يحيى بن سعيد وهو منقطع. عن عبد الله بن مسعود

(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 230)

- رضي الله عنه -: إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون فيه الصلاة، ويقصرون فيه الخطبة، يبدءون أعمالهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدءون فيه أهواءهم قبل أعمالهم انظر الموافقات، ج 2 ص 173 ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير