تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها المسلمون، ومن ناله وجع أو لازمه ألم أو مرض، أو نزلت به نازلة فلا يُذهبنَّ أجره بكثرة الشكوى، وبث الجزع والأسى؛ فليس في ذلك سلوى ولا عزاء ولا تخفيف، وإنما السلوى والعزاء أن يوقن بأن الألم والمرض والمصائب حِطةٌ تحط الخطايا والسيئات، فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قال: دخلتُ على رسول الله – صلى الله عليه سلم – وهو يُوعَك فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله: إنك لتوعك وعكاً شديداً!! فقال: " أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم " قلت: ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: " أجل، ثم قال – صلى الله عليه وسلم -: " ما من مسلم يصيبه أذى من مرضٍ فما سواه، إلا حط الله بها سيئاته كما تحط الشجرة أوراقها " متفق عليه.

وعن أبي سعيد وأبي هريرة – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا سقم ولا حزن حتى الهم يُهمه إلا كُفر به من سيئاته " متفق عليه .. والوصب: الوجع الدائم الملازم.

وعن جابر – رضي الله عنه –: أن رسول الله – صلى الله عليه سلم – دخل على أم السائب فقال: " مالكَ يا أم السائب تزفزفين؟ " قالت: الحمى .. لا بارك الله فيها. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: " لا تسبي الحمى؛ فإنها تذهب خطايا بني آدمَ، كما يذهب الكير خَبَث الحديد " أخرجه مسلم

أيها المسلمون: والأولاد فِلذة الأكباد وثمرة الفؤاد، وزينة بين العباد، موتهم مصاب فادح وكلمٌ لا يندمل، وحرقة لا تداوى إلا بالصبر والاحتساب .. فإلى كل أم ثَكْلى وأبٍ موتور فقدا عزيزهما وحبيبهما في حادث سيارة، أو غرقٍ أو حرق أو سيل عارم بُشْراكم عفوُ الله ومغفرته. بشراكم عفو الله ومغفرته. بشراكم عفو الله ومغفرته، ورحمته وجنته، وجزيل ثوابه وعطائه، فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله علي وسلم – قال: " إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي، فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حَمِدك واسترجع، فيقول الله: ابْنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيتَ الحمد " أخرجه الترمذي.

وعن معاوية بن قرة عن أبيه: أن رجلاً كان يأتي النبي – صلى الله عليه وسلم – ومعه ابنٌ له ففقده النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: ما فعل ابن فلان؟ قالوا: يا رسول الله: مات، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لأبيه: " أما تحبُّ ألا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك، فقال رجلٌ: يا رسول الله: أله خاصة أو لكلنا؟ قال: بل لكلكم " أخرجه أحمد.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه –: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لنسوة: " ما منكن من امرأةٍ تقدم من بين يديها من ولدها ثلاثة، إلا كانوا لها حجاباً من النار " فقالت امرأة: واثنين؟ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " واثنين " متفق عليه، وفي رواية عند أحمد: " وصاحبة الاثنين في الجنة ".

وعن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا، قال: نعم: " صغارهم دعاميس الجنة (أي صغار أهلها) يتلقى أحدهم أباهأو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا؛ أي: بطرفه، فلا يتناهى حتى يدخله الله وأباه الجنة ". أخرجه مسلم.

عطيَّته إذا أعطى سرورا وإن أخذ الذي أعطى أثابا

فأي النعمتين أجلُّ قدرا وأحمد في عواقبها مآبا؟

أيها المسلمون: سهم الحِمام منتضى .. قضاء محكم .. وأمر مقدر .. فلا ملاذ من الموت، ولا محيص عن مكابدة غصصه ومقاساة مضضه، ومعاينة أهواله وتجرع كأسه .. وكم فرق الموت بين خليلين وباعد بين قريبين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير