تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الاختلاط بين الجنسين في ضوء الكتاب والسنة من خلال أصول الفقه ومقاصد الشريعة]

ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[31 - 12 - 09, 12:09 م]ـ

الاختلاط

بين الجنسين

في ضوء الكتاب والسنّة من خلال أصول الفقه ومقاصد الشريعة

مع أقوال علماء المذاهب الإسلامية المختلفة

إعداد/

عامر بن محمد فداء بهجت

المحاضر بالمعهد العالي للأئمة والخطباء – جامعة طيبة- المدينة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، أما بعد:

فقد كَثُر الحديث حول موقف الشريعة الإسلامية من الاختلاط، وترددت في كثير من الأطروحات مقالةٌ مضمونها: أنّ الإسلام لا يمنع من اختلاط الجنسين بغير خلوة، وادّعى بعضهم أنّ استعمال لفظ "الاختلاط" على هذا الوجه اصطلاحٌ حادثٌ دخيلٌ على القاموس الإسلاميّ!.

فما مدى صحة هذه المقالة؟ وما مدى مطابقتها للواقع؟ وهل الشريعة تبيح الاختلاط أو تمنعه؟ وهل تحذير بعض العلماء من الاختلاط يستند إلى أدلة شرعية ثابتة أو هو مبنيٌّ على أعراف وعادات لبّستْ لباس الدين!؟ وهل للمنادين بمنع الاختلاط دليلٌ غير سد الذرائع!؟

هذا ما أحببتُ أن أتبيّن جوابه ثم أبيّنه من خلال هذا الكتاب، وأسأل الله التوفيق والسداد.

وقد قسّمتُ هذا البحث إلى أربعة أبواب، وخاتمة:

الباب الأول: الاختلاط في ضوء نصوص القرآن.

الباب الثاني: الاختلاط في ضوء الأحاديث النبوية.

الباب الثالث: الاختلاط في ضوء مقاصد الشريعة.

الباب الرابع: موقف علماء الإسلام من شتى المذاهب الإسلامية، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: المذهب الحنفي.

المبحث الثاني: المذهب المالكي.

المبحث الثالث: المذهب الشافعي.

المبحث الرابع: المذهب الحنبلي.

المبحث الخامس: علماء آخرون من السابقين والمعاصرين.

الخاتمة.

الباب الأول: الاستدلال بالقرآن.

الآية الأولى:

قال الحق – تبارك وتعالى-: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1))

وجه الاستدلال: أن الله أمر من سأل نساء النبي r حاجة أن يكون ذلك السؤال من وراء حجاب، والقاعدة في علم الاستدلال: (أن الأمر يقتضي الوجوب) ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)) إلا إذا دل الدليل على عدمه، فدلّت على أنه يجب على من سألهنّ حاجة أن يكون سؤاله من وراء حجاب، و (الأمر بالشيء نهيٌ عن ضدّه) ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)) فيكون سؤالهن مع المخالطة وانعدام الحجاب منهيًا عنه، والقاعدة أن (النهي المطلق للتحريم) ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4))، وإذا مُنِع ذلك مع الحاجة إلى سؤال المتاع فالمنعُ مع عدم الحاجة أولى، وهذا ما يسمّى في علم الأصول: (مفهوم الموافقة الأولوي) ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5))، والقاعدة المتفق عليها في علم الأصول: (أنّ مفهوم الموافقة الأولوي حجةٌ) ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6)).

وجهٌ آخر: أنّه علّل الأمر بالسؤال من وراء حجاب بقوله: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)) والقاعدة في الأصول: (أن العلة تعمم معلولها) ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8))، والعلة هنا كونه (أطهر للقلوب) ولا شك أن عدم الاختلاط هو الأطهر فكان مأمورًا به.

فإن قيل: الآية في التعامل مع نساء النبي r ولهنّ من الخصوصية مالهنّ.

فالجواب أنّه إذا ثبتَ ذلك الحكم في التعامل مع أمهات المؤمنين ثبتَ في التعامل مع غيرهنّ من باب أولى، والأولوية هنا من وجهين:

الأول: أنّ العلة من هذا الأمر هو تحصيل أطهرية القلوب، وأمهات المؤمنين أطهر النساء قلوبا، فغيرهنّ من النساء أشد حاجة لتحصيل ما يحقق أطهرية القلوب، ولو لم يكن هذا الأمر معللا أو معللا بغير أطهرية القلوب لاحتمل الخصوصية، أمّا وقد علل بتحصيل أطهرية القلوب فإنّ حملَه على الخصوص إهمال للعلة، ومعلوم أن (العلة تعلل معلولها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير