تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[((إن كنت حاملا فلدي غلاما)) بقلم الشيخ العربي التبسي * رحمه الله *]

ـ[سمير زمال]ــــــــ[02 - 01 - 10, 08:52 م]ـ

((إن كنت حاملا فلدي غلاما))

إلى (الناصر معروف)

كتب (الناصر معروف) مقالات مطولة في جريدة البلاغ (55) أكبرتها صحيفة البلاغ وأعلنت عنها قبل إذاعتها تنويها بها وأطرتها (56) بعد نشرها، وأهل البصيرة العلمية إذا ترامت إليهم لا يجدون فيها من الفوائد ما يساوي سماعها.

والمطلع على جريدة البلاغ يحكم بأن (الناصر معروف) في عالم جريدة البلاغ أمثل كاتب رمت به رياح الأقدار إلى الكتابة في هذه الجريدة. وإن كان سامحه الله لا زال يحمل ما يثقل ظهره من أخلاق وعادات كتاب تلك الجريدة الذين عرفناهم وعرفهم غيرنا بها منذ كانوا وكنا.

تلك العادات التي زهدت أهل العلم في مناقشتهم فيما يكتبون من المعتقدات والآراء، فإن من خبرهم (57) خبرة بعيدة عن الجهل، يجدهم يلقون الكلام على عواهنه (58)، ويريدون أن يخضعوا العلم إلى شهواتهم ويحكموا عليه كما شاءت لهم أهوائهم، كأنما هؤلاء القوم يفهمون أن العلم شعبة من شعب السباب أو الهجر الذي مردوا عليه، وأتقنوا أساليبه وأنفقوا علينا (59) ما زينته لهم أنفسهم ولم يراعوا فينا إلا ولاذمة، ولا حسبوا للكرام الكاتبين حسابا ما دمنا لم نترك حقنا ونؤمن بباطلهم، وصفتهم هذه صفة رواد الحاجات لا صفة أهل الديانة.

وقد أهدى إلي (الناصر معروف) كثيرا ما عنده من البهت، ورماني بما زين له شيطانه من ضعف الدين والجهل بالضروريات وقفة التثبت، ومع ذلك لا أجعل للشيطان علي سبيلا وأرميه ببعض ما هو فيه مما يقتنص من كلامه، لأني لا زلت أحاذر أن يصدق علي ولو بالمشابهة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر)) (60)، ولكني أقول له ما بقوله له كل من اطلع على كتاباته من أهل العلم: إنه ليسر من أهل العلم الراسخين فيه، ولا ممن يفهم مقاصد الكلام، ولا ممن يصح أن يعتمد على كلامه. وإني أنهي (61) إليك يا (ناصر معروف) أنه لولا مسحة ظاهرية من علم وطلاوة من الشبهات على كتابتك التي أردت أن تغوي بها ضعاف العقول وغوغاء الجهلة ممن يمكن حب الهوى في قلوبهم، لأعرضت عن إجابتك كما صنعت مع ذينك (62) ... وغيرهما، فإن عادتي أن لا أدخل في نزاع مع جاهل؛ ليس في الشغب معه إلا العناء وضياع الوقت في غير فائدة. وقد افتتحت ما زعمت أنه رد على مقالتي (بدعة الطرائق في الإسلام) بجمل خطابية وإلزامات وهمية لم نأخذ منها إلا أنك رجل خيالي. وقد شعرت من نفسك بخطل (63) هذه الجمل فاعتللت بأنك أردت أن تمثل إلي عاقبة أمري، وتلك شكاة ظاهر عنك عارها (64).

ثم إنك تدعي أني أنكرت أمرا ضروريا، استدلالك عليه من قبيل السماء فوقنا والأرض تحتنا، ولما جئت تدلل عليه لم تقم ولم تقعد في علمه وإظهار الحق فيه، ولم تغن عنك دعوى الضرورة شيئا، بل أذنت لمن رأى دعواك وعجزك الفاضح أن يخاطبك بقول العرب: ((إن كنت حاملا فلدي غلاما)) (65). وسيعلم (الناصر معروف) أنه تائه في عماية، ذاهب في غواية، لم يعلم حقا لينصره، ولا باطلا ليخذله، على رغم الدعاوي العريضة التي يدعيها، وأنه إلى الآن لم يشعر بنوع دليله الذي أراد أن يرد به علي وأن يجعله سندا للطرائق، أهو من نوع الألفاظ أم من نوع المعاني والأقيسة، بل تختط تخبط الممسوس وجمع بين ما لم أنكر وما أنكرت ورد الجميع بدليل لا يتناول ما أنكرته لا بلفظه ولا بمعناه.

وقد حصر (الناصر معروف) في مقالاته ما أراد أن يرده علي في ثلاث دعاوي:

1 - توقيت الأوقات للأذكار هكذا على إطلاقه الصادق بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عين بعض الأوقات لبعض الأذكار. وإذا لم أنكره ولم أتعرض لإنكاره ولا فهمه أحد غير (الناصر معروف) ومن على هواه من كلامي، والصادق يكون زعيم من الزعماء يعين بعض الأوقات لأذكار يعطيها لأتباعه، وهذا هو الذي أنكرته وما إليه قصدت وما عجز (الناصر معروف) على التدليل عليه وما فهمه الناس من مقالتي بدعة تحديد الأذكار للأتباع.

2 - تحديد الأذكار والكلام فيه كالكلام في سابقه تفصيلا واعترافا وإنكارا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير