تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قول أبي الدرداء رضي الله عنه ذبح الخمرَ النينانُ والشمسُ

ـ[همام النجدي]ــــــــ[04 - 01 - 10, 11:10 م]ـ

قول أبي الدرداء رضي الله عنه ذبح الخمرَ النينانُ والشمسُ

ورد في صحيح البخاري، في كتاب " الصيد والذبائح ": أن أبا الدرداء رضي الله عنه وضع السمك في الخمر، ثم وضعها في الشمس، وقال إن ذلك ليس حراماً. أرجو شرح هذا الحديث بالتفصيل، وما حكم مثل هذا الطعام؟

الجواب: الحمد لله

هذا الأثر ذكره الإمام البخاري رحمه الله معلقا موقوفا بصيغة الجزم، من قول أبي الدرداء رضي الله عنه، وذلك في كتاب الذبائح والصيد من صحيحه، باب قول الله تعالى: (أحل لكم صيد البحر)، قال البخاري رحمه الله: " وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - فِي الْمُرِي -: ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ " انتهى.

والمُرْيْ: أدم معروف كما قال النووي رحمه الله في " تهذيب الأسماء واللغات " (3/ 315) يصنع من سمك وملح وخمر تتحول عن الإسكار بمفعول الشمس والملح.

ذبح الخمرَ: الذبح هنا استعارة بمعنى التحليل والإباحة، إذ لما كان الشمس والملح سببا في إباحة تحويل الخمر إلى طعام مباح، فكأن ذلك قام مقام ذبح الحيوان ليصيره حلالا.

والنينان: جمع نون، والنون هو الحوت، أي السمك.

قال ابن الأثير رحمه الله:

" النينان جمع نون وهي السمكة، وهذه صفة مُرْى يُعمل بالشام، تؤخذ الخمر، فيجعل فيها الملح والسمك، وتوضع في الشمس، فتتغير الخمر إلى طعم المري، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إلى الخَلِّيَّة. يقول: كما أن الميتة حرام، والمذبوحة حلال، فكذلك هذه الأشياء ذبحت الخمرَ فحلت، فاستعار الذبح للإحلال " انتهى.

" النهاية " (2/ 382)

ومقصود أبي الدرداء رضي الله عنه أن الخمر إذا عولجت ببعض المواد، فانقلبت إلى مادة أخرى غير مسكرة: فإنها تصبح حينئذ حلال طيبا.

ثانيا:

هذه المسألة أصلها المسألة المعروفة بـ " تخليل الخمر بالعلاج "، وقد اختلف فيها العلماء على قولين:

القول الأول: أن الخمر تطهر وتحل إذا تحولت بالعلاج إلى خل وانتفت عنها علة الإسكار، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، وهو قول عطاء وعمرو بن دينار من السلف، وهو ـ أيضا ـ ظاهر الرواية المذكورة في السؤال عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

قال السرخسي رحمه الله:

" قلت: فالخمر يطرح فيها السمك والملح , فيصنع مُري؟ قال: لا بأس بذلك إذا تحولت عن حال الخمر.

وأصل المسألة أن تخليل الخمر بالعلاج جائز عندنا , ويحل تناول الخل بعد التخليل " انتهى.

" المبسوط " (24/ 22)، وانظر: " رد المحتار " (1/ 315).

وجاء في " حاشية الدسوقي " من كتب المالكية (1/ 52):

" (قوله: أو خلل)، أي: بطرح ماء أو خل أو ملح أو نحو ذلك فيه " انتهى.

واستدلوا بما ذكره السرخسي رحمه الله تعالى حين قال:

" وحجتنا في ذلك:

1 - ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أيما إهاب دبغ فقد طهر، كالخمر يخلل: فيحل) [وهذا الحديث لا أصل له بهذا اللفظ]، شبه دبغ الجلد به , والدبغ يكون بصنع العباد لا بطبعه , فعرفنا أن المراد: التخليل الذي يكون بصنع العباد.

2 - والمعنى فيه: أن هذا صلاح لجوهر فاسد , فيكون من الحكمة والشرع أن لا ينهى عما هو حكمة , وبيان الوصف أن الخمر جوهر فاسد , فإصلاحه بإزالة صفة الخمرية عنه , والتخليل إزالة لصفة الخمرية , فعرفنا أنه إصلاح له , وهو كدبغ الجلد , فإن عين الجلد نجس , ولهذا لا يجوز بيعه.

3 - التخليل ليس بتصرف في الخمر على قصد تمول الخمر، بل هو إتلاف لصفة الخمرية , وبين تمول الخمر وإتلاف صفة الخمرية منافاة.

4 - وإذا جاز الإمساك إلى أن يتخلل , فالتخليل أولى بالجواز " انتهى باختصار.

" المبسوط " (24/ 23).

وهذا القول هو ظاهر ما روي عن أبي الدارداء؛ أن الخمر تطهر وتحل بزوال علة التحريم منها، وهي الإسكار، أما إذا بقيت علة الإسكار في الخمر ولم تتغير: فهذا لم يقل أحد بجواز تناوله.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح كلام أبي الدرداء – بعد أن جمع طرقه وأثبت صحته -:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير