تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعدالته واتباعه للسنن, وخامستها: تقدّمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده).

ومن منهج الذهبي في هذا الكتاب الجليل أنه يذكّر طالب العلم بصيانة علمه وعمله بالخوف والورع وخشية الله تعالى فلا يغترّ ولا يفتخر بل يخشى الموت والعاقبة (والساعة أدهى وأمرّ) كما نقل في ترجمة ابن مسعود رضي الله عنه قول أبي عمرو الشيباني: (كنت أجلس إلى ابن مسعود حولاً لا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) استقلّته الرعدة. وقال: (هكذا أو نحو ذا أو قريب من ذا, أو, أو) وذكر في ترجمة الرّبيع بن خُثَيْم قول الشّعبي (كان الرّبيع بن خُثَيْم أشدّهم وَرَعَا)، وقال في ترجمة عبد الله بن محريز: (كان ذا فضل وجلالة حتى إنّ رجاء بن حيوة يقول: إن يَفْخَرْ علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر فإنّا نفخر عليهم بعابدنا ابن محريز والله إن كنت أعُدُّ بقاءه أماناً لأهل الأرض, وعن الأوزاعي قال: من كان مقتديا فَلْيَقْتدِ بمثل ابن مُحَيْريز)، وقال في ترجمة محمد بن سيرين: (الإمام الرّبّاني ... كان فقيها إماما غزير العلم ثقة ثبتا علّامة في التعبير رأسا في الورع ... قال مورّق العجلي: ما رأيتُ أحداً أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من ابن سيرين .. وقال أبو عوانة: رأيت ابن سيرين فما رآه أحد إلا ذكر الله تعالى. وذكر الثوري عن زهير الأقطع قال: ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه)، وقال في ترجمة محمد بن المنكدر: (الإمام شيخ الإسلام ... قال ابن عيينة: كان من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون ... قلت: مُجمَع على ثقته وتقدّمه في العلم والعمل ... قيل: إنه تهجّد ليلةً فاشتدّ بكاؤه فسأله إخوانه فقال: تلوت هذه الآية (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) ... وعن ابن المنكدر قال: كابدتُ نفسي أربعين سنة حتى استقامت ... وقال مالك: كان محمد بن المنكدر سيّد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي)، ونقل في ترجمة هشام بن حسان قول الفلاّس: (كان من البكّائين)، وقال في ترجمة هشام الدستوائي: (بكى هشام الدستوائي حتى فسدت عينه. وكان هشام يقول: ليتنا ننجو من الحديث).

ومن هَدْي أبي عبد الله الذهبي في تذكرته المباركة أنّه حدثنا عن نفاسة العبادات, وأخبرنا عن عظمة الصلوات، وأنها من أعظم القُرُبات, وأنبأنا بأنّ اعتناء العالِم بصلته بمولاه هو سبيل النجاة، كما روى في [سير أعلام النبلاء] قول الجنيد: (ما نفعني إلا رُكيعات!). وأسوة الذهبي في ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه فقد دخل عليه الزهري وهو يبكي ـ في مواقيت الصلاة من البخاري ـ (فقال: ما يبكيك؟ قال: لم يبق مما عهدتُّه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة, وهذه الصلاة وقد ضُيِّعت) وأسوة أنس في ذلك سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم الذي كان يركع حتى يقال: كأنه نسي, ويرفع حتى يقال كأنه نسي. فمن ذلك ما أورده الذهبي في ترجمة مُرّة الطَّيِّب: (يقال له مُرّة الخير. وهو مُرّة بن شراحيل الهمداني الكوفي المفسّر العابد ... يقال: إنه سجد حتى أكل التراب جبهته) , وذكر في ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: (الفقيه العلم أبو عبد الله الهذلي المدني الضرير أحد الفقهاء السبعة) أنه: (كان يطوّل الصلاة ولا يعجل عنها لأحد)، ونقل في ترجمة عطاء بن أبي رباح مفتي أهل مكة ومحدثهم قول ابن جريج: (كان من أحسن الناس صلاة) , وأورد في ترجمة عمرو بن مُرّة الحافظ قول شعبة: (ما رأيت عمر بن مُرّة يصلّي فظننت أنه ينصرف حتى يغفر له)، وذكر في ترجمة منصور بن المعتمر: (لو رأيت منصورا يصلّي لقلتَ: يموت الساعة)، ونقل عن زائدة: (صام منصور أربعين سنة وقام ليلها وكان يبكي الليل كلَّه, فإذا أصبح كحل عينيه، وبرق شفتيه، ودهن رأسه، قال فتقول له أمه: أقتلتَ قتيلاً؟ فيقول: أنا أدرى بما صنعَتْ نفسي .. وكان قد عمش من البكاء)، وذكر في ترجمة محمد بن الفضل عارم أنه من أخشع الناس وأحسنهم صلاة. ونقل في ترجمة شعبة الحجاج عن أبي قطن: (ما رأيتُ شعبة قد ركع إلا ظننتُ أنه نسي ولا سجد إلا قلت نسي، وكانت ثيابه لونها كالتراب وكان كثير الصلاة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير