تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دراسات بلاغية في الحديث النبوي]

ـ[الدكتور إبراهيم]ــــــــ[24 - 07 - 03, 12:30 ص]ـ

[دراسات بلاغية في الحديث النبوي]

بقلم: الدكتور إبراهيم

الحمد لله والصلاة على رسوله أما بعد فيعرف اللغويون التشبيه بأنه من شبهته إياه وشبهته به تشبيهاً مثلته، ويعرف البلاغيون التشبيه بأنه الإخبار بالشَّبَه وهو اشتراك الشيئين فى صفة أو أكثر ولايستوعب جميع الصفات أو هو صفة الشىء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة أو من جهات كثيرة، والتمثيل ضرب من ضروب التشبيه؛ فالتشبيه عام والتمثيل أخص منه، فكل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيل.

والتشبيه أسلوب لأن الأسلوب هو الطريقة التى يُتَوَصَّلُ بها إلى المراد فهى معنوية، أما الوسيلة فهى مركب المتوسل الذى يتوصل به إلى ذلك المراد فهى محسوسة. وقد يطلق الأسلوب ويراد به الوسيلة أو العكس، ولكن ضبط المصطلح يقتضى التفريق بينهما.

وأسلوب التشبيه من الأساليب البلاغية الراقية، التى تميزت بها اللغة العربية. والقرآن الكريم والسنة المطهرة مليئان بالأساليب البلاغية الجذابة التى تستأثر باهتمام المخاطبين وتجذب انتباههم، والتشبيه واحد منها، ولذاكان له أثرٌ فى مجال الدعوة إلى الله.

والموضوع يحتاج إلى دراسة علمية مطولة ولكنىسوف أقتصر فى هذا المقال على إيراد عدة أمثلة مختصرة لأسلوب التشبيه فى عشرة أحاديث من أول ثلاثة أبواب فى صحيح الإمام البخارى رحمه الله مبيناً أثر استخدام هذا الأسلوب فى الدعوة إلى الله.

الحديث الأول:

روى الإمام البخارى فى كتاب بدء الوحى عن عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أحياناً يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده علىّ فيفصم عنى وقد وعيت عنه ماقال، وأحياناً يتمثل لى الملك رجلاً فيكلمنى فأعى مايقول ... الحديث)

قال ابن حجر رحمه الله تعالى فى الفتح: الصلصلة وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين، والجرس الجلجل الذى يعلق فى رؤوس الدواب واشتقاقه من الجرْس بإسكان الراء وهو الحسّ.

المشبَّه: الوحى المشبه به: صوت الجرس وجه الشبه: قوة الصوت.

أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: حصول الفهم عند المخاطبين لأن هدف التشبيه كما ذكره الإمام ابن حجر فى الفتح والإمام القسطلانى فى إرشاد السارى هو: ذِكْرُ ما أَلِفَ السامعون سماعه " صلصلة الجرس " تقريباً - للصورة المعروضة وهى الوحى - لأفهامهم. ثم يقال: ولاريب أن الوحى أمر غريب على الصحابة ولم يألفوه فى أسماعهم فناسب تقريبه لها باستخدام وسيلة الجرس - وهى وسيلة محسوسة أَلِفَها المخاطبون فى حياتهم - كما ناسب استخدام أسلوب التشبيه الذى يقرِّب الفهم للأذهان كما هو معهود فى لغة العرب.

الحديث الثانى:

روى الإمام البخارى فى صحيحه عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُنِىَ الإسلام على خمس: شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)

المشبَّه: الإسلام المشبه به: مبنىً له دعائم خمس وقيل: خباء أقيم على خمسة أعمدة كالأوتاد للخيمة وجه الشبه: ضرورة الدعائم لسلامة البناء.

قال الإمام القسطلانى: ويجوز أن تكون استعارة بالكناية لأنه شبَّه الإسلام بمبنىً له دعائم فذكر المشبَّه وطوى ذكر المشبه به، وذكر ماهو من خواص المشبه به وهو البناء، ويجوز أن تكون استعارة تمثيلية فإن مثَّل حالة الإسلام مع أركانه الخمسة بحالة خباء أقيم على خمسة أعمدة وسطها الذى تدور عليه شهادة أن لاإله إلا الله وبقية شعب الإيمان كالأوتاد للخباء.

أثر هذا التشبيه فى الدعوة إلى الله: الحرص على سلامة إيمان الإنسان وتعاهده بما يقويه من الأعمال الصالحة، وذلك عن طريق تشبيه الإسلام بالمبنى أو الخباء الذى ألف السامعون أنه لايقوم إلا بأركان تحفظ سلامته وبنيانه.

الحديث الثالث:

روى الإمام البخارى فى صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود مايكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير