[الدرس الثالث في شرح الرحبية (تكملة شرح المقدمة)]
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[17 - 07 - 03, 04:32 م]ـ
الدرس الثالث في شرح الرحبية (تتمة شرح المقدمة)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
قال الناظم رحمه الله:
5ـ ونسألُ اللّه لنا الإعانَهْ ... في ما تَوَخَّيْنا مِنَ الإبانَهْ
6ـ عن مَذْهَبِ الإمامِ زَيْدِ الفَرْضِيّ ... إذ كان ذاك مِن أَهَمِّ الغَرَضِ
الشرح: سأل الناظم ربّه الإعانة فيما قصده من الإبانة والتوضيح لمذهب الإمام زيد بن ثابت الأنصاري الصحابي الجليل رضي الله عنه، وبيّن أن غرضه (أي مقصده) هذا من أهم الأغراض والمقاصد التي يسعى إليها.
وزيد بن ثابت رضي الله عنه هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الاَنصاري الخزرجي ثمّ النجّاري، كنيته أبو سعيد، كان أحد كبار علماء الصحابة، فهو أحد الذين جمعوا القرآن بجميع أحرفه المنزلة على عهد رسول الله صلى الله وسلم، فقد روى البخاري عن أنس، قال: (مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، و معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد)، وكلفه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بجمع القرآن الجمعة الأولى في عهد أبي بكر، ثم عيّنه عثمان رضي الله عنه رئيسا للجنة التي تولت جمع القرآن الجمعة الثانية في عهد عثمان، وكان أعلم هذه الأمة بالفرائض وكان رأساً في الفتوى والقضاء، ومن تلاميذه ابن عباس وأبو هريرة ختما عليه القرآن وأخذا عنه العلم، وكان ابن عباس رضي الله عنها يمسك له الركاب ويقول هكذا أمرنا ان نفعل بالعلماء والكبراء،أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم كتاب يهود فأتقنه في نصف شهر وتعلم السريانيه في سبعة عشر يوماً وكان عمره لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه واستصغره رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر فردّه، وشهد أُحداً، وكانت راية بني مالك بن النجار يوم تبوك بيد زيد بن ثابت وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستخلفه إذا حجّ على المدينة، وزيد -رضي الله عنه- هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة: عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقاً
قال ابن سيرين: (غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض)
توفي -رضي الله عنه- سنة (45 هـ) في عهد معاوية رضي الله عنه.
7ـ علماً بأنَّ العلمَ خيرُ ما سُعِيْ ... فيه وأولىَ ما لَهُ العَبْدُ دُعِيْ
الشرح: نبّه الناظم _ رحمه الله _ على فضل العلم على جهة العموم، فذكر أن خير ما سعىالعبد فيه، وأولى ما دعي العبد إليه هو العلم النافع، لأن الله تعالى أخبر في كتابه الكريم أنه يرفع أهله درجات فقال سبحانه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: من الآية11)، ولأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء سوى العلم، وذلك في قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طه: من الآية114)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن العلم أفضل من العبادة، وذلك فيما جاء عن أبي أمامة مرفوعا: {فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم, إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.} رواه الترمذي.
وفيما جاء عن أبي الدرداء مرفوعا {إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء , وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر} رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
8ـ وأنَّ هذا العلمَ مخصوصٌ بما ... قد شاعَ فيهِ عندَ كلِّ العُلَما
9ـ بأنَّه أَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ ... في الأرضِ حتى لا يَكادُ يُوجَدُ
¥