ذلك الوقت صرت أقول بهذا الحكم عن رسول الله ?. انتهى بحروفه.
قال العلامة الشوكاني في الدرر البهية: الراجح عدم الوقوع. انتهى – وهو الحق كما حققه شيخنا العلامة أبو الطيب القنوجي حماه الله تعالى في (الروضة الندية) فإن شئت زيادة الاطلاع فارجع إليه، والله سبحانه أعلم.
[حكم المكوس وهل تقوم مقام الزكاة؟]
(قوله: وإن المكوس حلال لمن أقطعها، وأنها إذا أخذت من التجار أجزأتهم عن الزكاة، وإن لم يكن باسم الزكاة ولا رسمها).
أقول: في القاموس: مكس في البيع يمكس: إذا جئ مالا. والمكس النقص والظلم. ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية. أو درهم كان يأخذه المصدق بعد فراغه من الصدقة.انتهى.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يدخل صاحب مكس الجنة)) يعني العشار. فعلي هذا أن المكوس ما يؤخذ من التجار بغير وجه شرعي.
(قلت): إن هذا القول المجمل لم يصحح نقله عن الشيخ ابن تيميه، غير أنه قد صرح فقهاؤنا رحمهم الله تعالى أنه لو أخذ السلطان من شخص أموالاً مصادرة، ونوى أداء الزكاة إليه، فعلى قول المشايخ المتأخرين يجوز.
قال العلامة ابن عابدين في رد المختار: والصحيح أنه لا يجوز، وبه تفنى، لأنه ليس للظالم ولاية أخذ الزكاة من الأموال الباطنة. ثم قال: وفي مختارات النوازل: السلطان الجائر إذا أخذ الخراج يجوز، ولو أخذ الصدقات أو الجبايات أ, أخذ مالا مصادرة إن نوى الصدقة عند الدفع قيل: يجوز أيضاً، وبه يفتى. وكذا إذا دفع إلى كل جائر بنية الصدقة، لأنهم بما عليهم من التبعات صاروا فقراء والأحوط الإعادة، انتهى.
وهذا موافق لما صححه في المبسوط، وتبعه في الفتح فقد أختلف التصحيح والإفتاء في الأموال إذا نوى المتصدق بها على الجائر وعلمت ما هو الأحوط. قلت: وشمل ذلك ما يأخذه المكاس، لأنه وإن كان في الأصل هو العاشر الذى ينصبه الإمام لكن اليوم لا ينصب لأخذ الصدقات، بل لسلب أموال الناس ظلماً بدون حماية فلا تسقط الزكاة بأخذه، كما صرح به في البزازية. فإذا نوى التصدق عليه كان على الخلاف المذكور، انتهى ما في رد المختار باختصار.
وفي الحاوى للزاهدى نقلاً عن جمع التفارق: أنه ينوى الزكاة بما أخذه منه الظالم ظلماً، وإن كان يأخذه الظالم على غير جهة الزكاة. ونقل أيضاً عن بعضهم: أن من أمتنع عن الزكاة فأخذها الإمام كرهاً ووضعها في أهله أجزأ، لأن الإمام ولاية أخذ الصدقات فقام أخذه مقام دفع المالك. قال مجد الأئمة فيه إشكال، لأن النية فيه شرط ولم توجد. انتهى.
فقد تبين أن هذه المسالة أيضاً خلافية، فإذا ذهب إلى أختيار أحد القولين فيها الشيخ ابن تيميه فلا يعاب، كما لا يخفى على من تضلع من المسائل الشرعية وأما ما نسب إليه أولاً أيضاً من جواز إقطاع المكوس، فالظاهر أنه ليس بصحيح العزو إليه كما سيأتى أمثال ذلك نعم، وجدت عبارة في فثاويه فلعلها هي المأخذ في عزو ما ذكر إليه مع أنها ليس فيها ما يصحح حمل ذلك عليه، فلا بأس بذكرها وهب قوله.
فصل
[في المظالم المشتركة]
مثل المشتركين في قرية إذا طلب منهم شئ يؤخذ على اموالهم أو عدد رءوسهم أو عدد دوابهم، كما يوضع على المتبايعين للثياب ونحوها بتأويل وجوب الجهاد بأموالهم وغيرها، مع ما دخل في ذلك من الظلم. ومثل ما يطلبه الولاة أحياناً، كعند قدوم سلطان، أو حدث ولد له. ومثل المقاتلة الذين يسيرون حجاجاً أو تجاراً، ومثل الذين يقعدون على الجسور وأبواب المدائن فيأخذون شيئاً، فهؤلاء المكرهون على أداء هذه الأموال التى لا تجب شرعاً، وأخذها ظلم عليهم – لزم العد فيها يطلب منهم، وليس لبعضهم أن يظلم بعضاً فيما يطلب منهم، بل أما أن يؤدي قسطه فيكون عادلاً، وإما أن يؤدي زائداً على قسطه فيعين شركاء فيكون محسناً.
¥