عن حماد، فأراد أن يدلل أن الخطأ من زياد لا من حماد، فحماد كان معروفا بإبراهيم، حتى قال عنه الثوري (وهو
من فقهاء العراق ومحدثيها): كان حماد أبطن بإبراهيم من الحكم، وقال عبد الملك بن إياس: سألت إبراهيم: من نسأل
بعدك؟ فقال: حمادا. وقال شعيب بن الحبحاب: سمعت إبراهيم يقول: لقد سألني هذا (يعني حمادا) مثل ما سألني
جميع الناس. ولذلك قال الذهبي: هو أنبل أصحاب إبراهيم.
ومع هذه النقول المحتملة في تضعيف حماد أعرض الأخ الأزهري عن النقول القاطعة الصريحة في توثيقه مثل:
توثيق ابن معين له، وقد نقله غير واحد، وقال النسائي عنه: ثقة مرجئ، وقال عمر الواعظ: ثقة، وقال العجلي
كوفي ثقة الحديث، بل في علل أحمد (ص68) وذكر حماد بن أبي سليمان فقال: ثقة، بل إن النقادة الذهبي حينما
استعرض كلام المضعفين له أسقطه، فقال عن قول الأعمش: وكان غير ثقة قال: لا يلتفت إليه كما في السير،
وقال الذهبي في الميزان (ولابد أن يكون الأخ الأزهري وقف عليه): ولولا ذكر ابن عدي له في كامله لما أوردته،
وهو يذكر هذه العبارة فيمن اتضحت عنده وثاقته ... ومن أجل هذا قال في الكاشف: ثقة إمام مجتهد كريم جواد،
أما كونه على مذهب إرجاء الفقهاء فليس تضعيفا لحفظه، وعلى هذا يحمل كلام مالك بن أنس الذي نقله الأخ
الأزهري ...
وإذا تأملت ما سبق علمت جناية الأخ الأزهري حين نقل كلام أئمة الحديث ولم يستوفه درسا وتمحيصا، ومثل حماد
بن أبي سليمان فيما يرويه عن إبراهيم لا يمكن أن يطرح ....
أما ما زعمه بأن ما خالف فيه حماد الثقات فيطرح، فصحيح، ولكن في الآثار النبوية، وفيما يرويه من هو أوثق منه
وأعلى درجة، وما ذكره الأخ الأزهري عن أبي بكر بن أبي شيبة من رواية سلمة بن كهيل حول صلاة ابن مسعود
بعلقمة ومسروق والأسود فلا يرقى لرواية حماد عن إبراهيم، فإن حماد بلدي إبراهيم وأخص تلاميذه به، واحتمال
الخطأ عنده أقل، وسلمة حضرمي، وعلقمة وابن مسعود عراقيان، وليس سلمة بمختص بما يروى عن علقمة ومسروق
والأسود، ناهيك عن أن رواية سلمة مؤننة، والانقاطع فيها محتمل، وفي رواته: عبد الملك بن أبي سليمان
قال عنه الحافظ صدوق له أوهام، ولو قلنا إن الحديث محفوظ فإنه ليس صريحا في أنه صلى وجمع بهم في المسجد،
ولكن في رواية حماد التصريح برجوعه إلى البيت، فيحمل الثاني على الأول، وإذا تعذر الحمل فإنه يعمل بالأمكن
والأتقن، ورواية حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود أوثق وأقوى لأن كل راو مختص بشيخه هنا ...
ومن تلبيسات الأخ الأزهري حول الرواة ما نقد به الشيخ الألباني في حديث ابن أبي بكرة، حيث قال إن في الحديث معاوية
بن يحيى أبا مطيع الأطرابلسي وهو متكلم فيه فقد ضعفه ابن معين، بل وعده الدارقطني من المتروكين، وهذا كله
تحريف، فقد قال الدارقطني إن مناكيره أكثر من الصدفي، ولم يقل إنه متروك (هكذا بالنص) فكيف تجرأ الأخ
الأزهري أن ينقل هذا عن الدراقطني؟؟؟ وأما تضعيف ابن معين فلم أقف عليه (فليته يدلنا عليه) وإنما قال
ابن معين: هو أقوى من الصدفي، والصدفي ضعيف، فهل يكون هذا تضعيفا من ابن معين بحيث ينقله الأخ الأزهري
نقل الواثق؟؟؟
ومع هذا وذاك فمن وثقه من النقاد لم ينقله الأخ الأزهري، فقد قال صالح جزرة: معاوية صحيح الحديث، وقال أبو علي
النيسابوري: شامي ثقة، وقال دحيم وأبو داود والنسائي: لا بأس به، وقال هشام بن عمار: وكان ثقة، وقال يحيى
بن معين: ليس به بأس وقال إنه أقوى من الصدفي، وكذا قال أبو حاتم، وقال أبو زرعة: صدوق مستقيم الحديث، وقال
أبوزرعة مرة: ثقة.فانظر إلى كل هؤلاء النقاد الذين وثقوا معاوية، وانظر إلى التضعيف الذي نقله الأخ الأزهري
يتبين لك حجم جنايته ...
نعم .. حديث أبي بكرة نقله ابن عدي ومن بعده الذهبي في جملة ما استنكر على معاوية وهذا ليس بكاف في تضعيف
الحديث إلا في حق من جرى على مذهب المتقدمين، أما طريقة المتأخرين فلا تعول على مجرد ذكر الحديث في جملة
ما استنكر على الراوي دون التدليل والترجيح والتعليل الصريح ...
ثم إن الأخ الأزهري في تضعيف حديث أبي بكرة زعم أن وجود الوليد بن مسلم ورواية بالعنعنة تضعف الحديث،
¥