تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن زبيداً نفسه رواه عن ذر دون زيادة أُبيّ بن كعب، وتلك هي الرواية الراجحة، وذلك لأنه رواها عن زبيدٍ سفيانُ الثوري، وشعبةُ بن الحجاج، وهما أوثق من الأعمش. هذا إنْ سَلِمَت رواية الأعمش عن زبيد، فإنَّ مَن رَوَوها لم يُتَكَلَّم فيهم بتوثيق - سوى يحيى بن أبي زائدة، ولا نعلم عن حال روايته شيئاً -، وخالفوا أبا عبيدةَ عبدَ الملك بنَ معن، وهو ثقة، فإنه قد رواها عن الأعمش عن طلحةَ وحده، وهم زادوا مع طلحةَ زبيداً.

وأما رواية جرير بن حازم عن زبيد، فإن جريراً قد خالف سفيان الثوري وشعبة، وهما أوثق منه، وقد رويا هذا الحديث عن زبيدٍ دون ذكر أبي بن كعب في السند، وجرير وُصف بسوء الحفظ (فتح الباري: 12/ 37)، وفي السند أيضاً أبو عمر الضرير، فإنه لم يوثَّق، بل أحسن ما قيل فيه: ما قاله أبو حاتم (الجرح والتعديل: 3/ 183): (صدوق، صالح الحديث).

وأما رواية أبي حنيفة ومحمد بن ميسر، فإن محمد بن ميسر متروك كما قال النسائي، وقال البخاري (التاريخ الكبير، رقم 778): فيه اضطراب، وأبو حنيفة اختلف فيه اختلافاً كبيراً، وروايتُهُ وروايةُ محمد بن ميسر فيهما من لا يعرف حاله كعمر بن نوح. وحتى لو صحت الرواية إليهما، فإنهما قد خالفا سفيان وشعبة، وهما من هما في الحديث.

3 - وأما طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أُبيّ، فإنها معلولة بأن سلمةَ وزبيداً وعطاء بن السائب وعمرَ بن ذر وحصين نفسه - وتلك هي الراجحة -، كلهم رَوَوه عن ذرٍّ دون زيادة أُبيّ بن كعب. هذا إنْ سلمت الرواية عن حصين، فإنَّ فيها محمداً بن كثير ضعفه ابن معين، وأحسن ما قيل فيه: ما قاله أبو حاتم (الجرح والتعديل: 8/ 70): (صدوق)، وسليمانَ أخاه لم يُوثَّق، وغاية ما قيل فيه: ما قاله النسائي (تهذيب الكمال: 3/ 296، رقم 2542): (ليس به بأس إلا في الزهري فإنه يخطئ عليه).

4 - وأما طريق زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أُبيّ، فقد رواها عن زبيد ثلاثةٌ:

أ- سفيان الثوري وعنه مخلد بن يزيد، وهذا فيه مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام (تقريب التهذيب: 3/ 358، رقم 6540)، وهذه علة لهذه الطريق، فإنه قد رواه عن سفيان (بذكر ذرٍّ بعد زبيد، ودون ذكر أُبيّ): وكيع، وأبو نعيم، وهذان أوثق الناس في سفيان، وأيضاً: عبد الرزاق، وهو أوثق من مخلد.

ب- فطر بن خليفة، وهذا معلول بأن فطراً لم يُعَدّ فيمن روى عن زبيد، فلم يُذكر في تلامذةِ زبيد، ولم يُذكر من شيوخه زبيد. بل قد ذَكَرَهُ الذهبي في الطبقة السادسة من التابعين (السير: 7/ 30)، بينما ذَكَرَ زبيداً في الثالثة منهم (السير: 5/ 296)! ومعلومٌ أن الذهبي يرتب الطبقات في السِّير حسب اللقاء (كما في مقدمة المحقق د. بشار معروف: 1/ 104). فبعيدٌ أن يكون فطرٌ قد سمع من زبيد. وإن كان قد سمع من زبيد، فإنه قد خالف جمعاً من الرواة رووها عن زبيد عن ذر - دون ذكر أبي بن كعب -.

وأما الزيادة فيه (رب الملائكة والروح) فهي ضعيفة من وجهين: ما ذُكر آنفاً، والثاني: التفرُّدُ بها، فإنه لم تأت هذه الزيادة في روايةٍ من روايات الحديث إلا هذه، ولعل هذه الزيادة هي التي أشار إليها ابن حجر (إتحاف المهرة: 1/ 236) - بعد أن ذَكَرَ روايةَ فِطرٍ - بقوله: (وفيه ألفاظ تفرَّد بها).

ج- مِسعَر بن كدام وعنه حفص بن غياث، وهذا فيه حفص بن غياث، وهو مدلس ذكره أحمد والدارقطني بالتدليس (طبقات المدلسين، ص24)، وقد عنعنه. ومما يدل على ضعف هذه الرواية: أن أبا داود قال بعد الحديث (1427) في سننه: (وليس هو بالمشهور من حديث حفص، نخاف أن يكون عن حفص عن غير مسعر)، وقد ذكرها في ذات الموضع بصيغة التمريض مرتين، قال: رُوِيَ عن حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عن مِسْعَرٍ عن زُبَيْدٍ ...

5 - وأما طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أُبيّ، فإنه رواها عن سعيد اثنان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير