فقرن الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في النار في العذاب المضاعف المهين ما لم يرفع العبد وجوب ذلك بالتوبة والإيمان، والعمل الصالح، وقد قال تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) فأخبر عن فحشه في نفسه وهو القبيح الذي قد تناهى قبحه حتى استقر فحشه في العقول حتى عند كثير من الحيوانات كما ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال: رأيت في الجاهلية قردا زنا بقردة فأجتمع القرود عليهما فرجموها حتى ماتا.
ثم أخبر عن غايته بأنه ساء سبيلا فأنه سبيل هلكة، وبوار، و افتقار في الدنيا وسبيل عذاب في الآخرة وخزي ونكال ... الخ كلامه.
وفي ص 113 - 114:
وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:"أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج ". وفي الصحيحين عنه:" لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ". وهذا الحديث في اقتران الزنا بالكفر وقتل النفس نظير الآية التي في الفرقان، ونظير حديث ابن مسعود بدا رسول الله بالأكثر وقوعا ثم بالذي يليه، فالزنا أكثر وقوعا من قتل النفس، وقتل النفس أكثر وقوعا من الردة ـ نعوذ بالله منها ـ وأيضا فإنه انتقال من الأكبر إلى ما هو أكبر منه مفسدة، ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها، وزوجها، وأقاربها ونكست رؤوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن حمّلته الزوج أدخلت على أهلها، وأهله أجنبيا ليس منهم، فورثهم وليس منهم، ورآهم، وخلابهم، وانتسب إليهم، وليس منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها.وأما زنا الرجل فإنه يوجد اختلاط الأنساب أيضا، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضها للتلف، والفساد ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا، والدين ... فكم في الزنا من استحلال محرمات، وفوات حقوق، ووقوع مظالم ... فليس بعد مفسدة القتل أعظم من مفسدته، ولهذا شرع فيه القتل على أشنع الوجوه و أفحشها، وأصعبها ولو بلغ العبد أن امرأته، أو حرمته قُتِلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت. الخ كلامه رحمه الله.
ومما قد يبين عظم الزنا على الربا ما رُكز في فطر الرجال أنه أقبح، وأشنع، فكما ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ أنه سماع خبر قتلها أسهل من خبر زناها، فكذلك سماع خبر أكلها للربا أخف من زناها .. نعوذ بالله من الجميع.
ومما يبين الفرق بين الأمرين تأمل النصوص التي ذكرت عذاب الزناة في الآخرة، وعذاب أكلة الربا، من ذلك حديث سمرة في البخاري في رؤيا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وفي النصوص الكثيرة التي بينت عذاب الزناة.
والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[04 - 03 - 05, 04:57 م]ـ
تقدم نقد ابن الجوزي لمتن الحديث، وسنده، وهو ما فعله الشيخ علي أيضا.
وقال العلامة المعلمي ـ رحمه الله ـ بعد كلامه على طريق للحديث في الفوائد المجموعة [ص150 في الحاشية]:
والذي يظهر لي أنّ الخبر لا يصح عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ألبته. (مستفاد من البحث)
وتقدم في نقل الشيخ ابن وهب: نقد العلامة الجبرين للمتن.
وقد سمعتُ المحدث الشيخ عبد الله السعد ـ قبل بضع سنين ـ ينكر متنه جدا.
فهؤلاء العلماء نقدوا هذا المتن. وليسوا من المتكلمين!، بل من أشد الناس بعدا وبغضا لهم.
ونقد المتون من صميم علم العلل الذي مارسه أئمة الحديث النقاد عبر القرون، وإن كان قد شرق به، وضاق به جفاة الظاهرية ومَن سلك من مسلكم في الاغترار بظاهر الأسانيد.
قال العلامة ابن القيم في الزاد 2/ 264: هذه الطريقة هي اللائقة بظاهريته ـ يعني: ابن حزم رحمه الله ـ، وظاهرية أمثاله ممن لا فقه له في علل الأحاديث كفقه الأئمة النقاد أطباء علله وأهل العناية بها، وهؤلاء لا يلتفتون إلى قول من خالفهم ممن ليس له ذوقهم، ومعرفتهم بل يقطعون بخطئه بمنزلة الصيارفة النقاد الذين يميزون بين الجيد والرديء، ولا يلتفتون إلى خطإ من لم يعرف ذلك.
والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[05 - 03 - 05, 09:47 م]ـ
لكن يعضد أحاديث الربا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذكر السبع الموبقات ذكر الربا ولم يذكر الزنى.
أخي الكريم المعلمي وفقه الله
¥