ثالثا: المخالفة، وهي ما تقدم من طريقي يزيد الرقاشي وعلي بن زيد بن جدعان، ورواية مختار بن أبي مختار عن عبد الوارث، وهي مخالفة في المتن والإسناد، فلا يصح من هذا الوجه، وإن صححه الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (رقم 2468) وسيأتي ذكره في الفصل الثالث مع ذكر كلام ابن عبد البر رحمه الله تعالى.
الطريق الرابع: إبراهيم بن زياد القرشي عن أبي حازم عن أنس به بلفظ " ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة ... الحديث.
رواه الطبراني في الصغير (1/ 46) والأوسط (رقم 1764) من طريق أحمد بن الجعد الوشاء عن محمد بن بكار بن الريان عن إبراهيم بن زياد به.
وقال: لو يروه عن أبي حازم إلا إبراهيم هذا، ولا يروى عن أنس إلا من هذا الوجه اهـ.
وذكره الهيثمي في الزوائد (4/ 312) فقال: وفيه إبراهيم بن زياد القرشي، قال البخاري: لا يصح حديثه، فإن أراد تضعيفه فلا كلام، وإن أراد حديثا مخصوصا فلم يذكره، وأما بقية رجاله فهم رجال الصحيح اهـ.
كذا قال الهيثمي، وظاهر العبارة يفيد تضعيف الراوي، ثم شيخ الطبراني لم أجد ترجمته، ولا أظنه أحمد بن محمد بن الجعد الوشاء، المترجم في تذكرة الحفاظ للذهبي، لأن وفاته على في التذكرة متقدمة وهي 201هـ، ولم يكن الطبراني ولد حينئذ، فليحرر.
الطريق الخامس: قتادة عن أنس به.
رواه الطبراني في الأوسط (2972) من طريق الحكم بن ميسرة عن مقاتل بن سليمان عن قتادة عن أنس به. ثم قال الطبراني: لم يروه عن قتادة إلا مقاتل أهـ وهذا سند واه جدا، ومقاتل متهم بالكذب، قال في التقريب: كذبوه وهجروه ورمي بالتجسيم أهـ والله أعلم.
الحديث السادس: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" سألت ربي عن اللاهين من ذرية البشر فأعطانيها".
وللحديث عنه طريقان:
الطريق الأول: عن الزهري عن أنس به.
رواه الطبراني في الأوسط (رقم 5957) وأبو يعلى في مسنده (رقم 3570) وابن عدي في الكامل (4/ 302) من طريق عبد الرحمن بن المتوكل عن فضيل بن سليمان النميري عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري به.
وهذا سند لا بأس به، وفي فضيل كلام، وذكر في التقريب أنه صدوق كثير الخطأ، وعبد الرحمن بن إسحاق صدوق، وعبد الرحمن بن المتوكل ثقة كما قال الهيثمي في المجمع (7/ 21) وقال الحافظ في الفتح (3/ 290): إسناده حسن.
وخالفه عمرو بن مالك البصري – وهو الراسبي الضعيف – فقال عن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن أنس به.
رواه أبو يعلى في مسنده (رقم3636) وابن عدي في الكامل (5/ 150) وعلقه الضياء في المختارة (7/ 202) وهذا سند تالف، فيه عمرو بن مالك الراسبي، اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث، وتركه أبو زرعة، كما في ترجمته من الميزان (3/ 285رقم 6435).
الطريق الثاني: عن يزيد الرقاشي عن أنس به.
رواه أبو يعلى في مسنده (رقم 4101) وفي معجمه (رقم 205) وابن الجعد في مسنده (رقم 2906) وابن عبد البر في التمهيد (18/ 117) من طرق عن عبد العزيز الماجشون عن محمد بن المنكدر عن يزيد الرقاشي عنه به.
وهذا سند ضعيف من أجل الرقاشي وبقية رجاله ثقات، وبانضمام الطريق الأول يصير حسنا لغيره.
ورواه الضياء في المختارة (7/ 201 - 202 رقم 2639) من طريق يوسف بن خالد الثعلبي عن صفوان بن صالح عن الوليد عن عبد الرحمن بن حسان الكناني عن محمد بن المنكدر عن أنس به. وقال: رجاله ثقات لكنه معلول أهـ
قال أبو عبد الباري: عبد الرحمن بن حسان قال في التقريب: لا بأس به وهو قول الدارقطني فيه وذكره ابن حبان في الثقات أهـ وهو معلول بالرواية التي قبله وهي أصح، والماجشون ثقة جليل، والله أعلم.
والحديث حسنه الشيخ الألباني بمجموع الطرق فقال في صحيحته (رقم 1881): وجملة القول أن الحديث حسن عندي بمجموع طرقه والله أعلم أهـ.
فائدة: في تفسير اللاهين:
¥