تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال أبو عمر: ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من أمته حكم الأطفال الذين يموتون صغارا بيانا يقطع حجة العذر، بل اختلفت الآثار عنه بما سنورده بعد هذا إن شاء الله اهـ.

الجواب عن هذه الأدلة:

هذا أقوى ما احتج به من قال بالتوقف في أطفال المسلمين من النصوص، وقد أجاب عنها من قال بأنهم في الجنة على سبيل الجزم والقطع من وجوه:

أما حديث عائشة وهو أقوى ما احتجوا به في التوقف فأجيب عنه من وجوه:

الوجه الأول: تضعيف الحديث

و هو مسلك الإمام أحمد والعقيلي ويحيى بن سعيد القطان وابن عبد البر والذهبي وابن الوزير.

أما الإمام أحمد فقد روى الخلال في جامعه (أحكام أهل الذمة 2/ 78) أنه ذكر له حديث الأنصاري وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فقال غير مرة: هذا حديث ضعيف، وذكر رجلا ضعفه وهو طلحة (أي ابن يحيى)، وقال: وأحد يشك أنهم في الجنة؟ وقال أيضا: هو يرجى لأبوبه، كيف يشك فيه؟ " اهـ.

وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 615 - 616 ترجمة طلحة بن يحيى) وروى عن القطان أنه وصف طلحة بأنه يروي أحاديث مناكير ثم قال عنه: وطلحة حدث حديث عصفور من عصافير الجنة، ثم روى الحديث من طريق طلحة فقال:آخر الحديث فيه رواية الناس بأسانيد جياد، وأوله لا يحفظ إلا من هذا الوجه اهـ.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 351): وهذا حديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الأدلة والإجماع، وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به، وهذا الحديث مما انفرد به فلا يعرج عليه اهـ

وهذا الكلام من ابن عبد البر عجيب، ويشير ما ذكره في التمهيد بعد ذلك رجوعا عن هذا التضعيف وقد تقدم، لكنه استضعفه بعد ذلك أيضا في الاستذكار فقال (3/ 109): وهو حديث رواه طلحة بن يحيى وفضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن عائشة، وليس ممن يعتمد عليه عند بعض أهل الحديث اهـ.

وقال الذهبي في السير (14/ 462): رواه جماعة عن طلحة وهو مما ينكر من حديثه اهـ وهو أيضا مسلكه في الميزان وكأنه اعتمد على كلام العقيلي.

وقال ابن الوزير في العواصم (7/ 251 - 252): ولعل مسلما إنما أخرج الحديث لثبوت الشواهد على آخره، لكن في أوله زيادة مستقلة بحكم، فلم يكن لمثل طلحة بن يحيى أن يستقل بمثلها، ولا لنا أن نقبله في مثل ذلك اهـ.

وقال الإمام أحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 11): حدثنا ابن فضيل عن العلاء أو حبيب بن أبي عمرة وما أراه سمعه إلا من طلحة بن يحيى يعني ابن فضيل (وذكره العقيلي في الضعفاء 2/ 615).

قال أبو عبد الباري: هذا التعليل من الإمام أحمد لرواية ابن فضيل يرده أن ابن فضيل لم يتفرد به عن العلاء بل تابعه عليه جرير بن عبد الحميد عند إسحاق في مسنده (رقم 1016) وابن حبان (رقم 138) والمروزي (كما في التمهيد 18/ 105) من طريق جرير عن العلاء بن المسيب عن فضيل بن عمرو به.

ووجه التضعيف هنا ينصب على أمرين هما: تضعيف راويه طلحة بن يحيى، ونكارة متنه المعارض لصحيح الأخبار.

وأجيب عن هذا التضعيف على وجهيه:

أما تضعيفه بطلحة بن يحيى فليس بشيء، لأنه على فرض الطعن فيه لم يتفرد به بل تابعه عليه فضيل بن عمرو عند مسلم كما سبق، ولعله لهذه النكتة صدر مسلم برواية فضيل ثم أردفها برواية طلحة.

وأما تضعيفه للنكارة أي للمعارضة وهو ما يشير إليه كلام أحمد فيجاب عنه بإمكان الجمع بينه وبين الأحاديث المعارضة له، على أن هذا الجواب لا يستقيم على مذهب من يقول بالوقف، إذ لا بد له من صرف هذا الحديث عن ظاهره أوتلك عن ظاهرها، وقضية التوقف لعدم العلم بوجه الجمع غير الوقف من أجل أن المصير غير معروف وهو قولهم كما سبق والله أعلم.

الوجه الثاني: تأويله بما يوافق الأحاديث الأخرى

وعلى تسليم صحة الحديث يجاب عنه بلزوم الجمع بينه وبين الأحاديث المتواترة التي تقدم جزء منها، وقد قيل في كيفية الجمع وجوه:

أولها: أنه من باب النهي عن الخوض في الغيب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير