تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن حبان في صحيحه (1/ 348): ذكر خبر قد أوهم من أغضى عن علم السنن واشتغل بضدها أنه يضاد الأخبار التي ذكرناها قبل ... ثم ذكر حديث عائشة هذا فقال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله هذا ترك التزكية لأحد مات على الإسلام، ولئلا يشهد بالجنة لأحد وإن عرف منه إتيان الطاعات والانتهاء عن المزجورات ليكون القوم أحرص على الخير وأخوف من الرب، لأن الصبي العربي من المسلمين يخاف عليه النار اهـ.

وقال النووي في شرح مسلم (16/ 207): وأجاب العلماء بأنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله " أعطه إني لأراه مؤمنا، قال " أو مسلما " اهـ (رواه البخاري (رقم 27، 1478) ومسلم (رقم150) وغيرهما.).

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 78 - 79): وأجاب طائفة أخرى بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رد على عائشة رضي الله عنها لكونها حكمت على غيب لم تعلمه كما فعل بأم العلاء إذ قالت حين مات عثمان بن مظعون: شهادتي عليك أن الله أكرمك، فأنكر عليها وقال لها: " وما يدريك أن الله أكرمه " ثم قال: " أما هو فقد جاءه اليقين وأنا أرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي " (رواه البخاري (رقم 1243) وغيره)، وأنكر عليها جزمها وشهادتها على غيب لا تعلمه، وأخبر عن نفسه أنه يرجو له الخير.

ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم " إن كان أحدكم مادحا فليقل أحسب فلانا إن كان يرى كذلك، ولا أزكي على الله أحدا " رواه البخاري (رقم 2662) ومسلم (رقم 3000) وغيرهما)

وقد يقال: من ذلك قوله في حديث لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين قال له: أعطيت فلانا وتركت فلانا وهو مؤمن، فقال " أو مسلما " فأنكر عليه الشهادة له بالإيمان لأنه غيب، دون الإسلام فإنه ظاهر.

وإذا كان الأمر هكذا فيحمل قوله لعائشة رضي الله عنها " وما يدريك يا عائشة " على هذا المعنى، كأنه يقول لها: إذا خلق الله للجنة أهلا وخلق للنار أهلا فما يدريك أن ذلك الصبي من هؤلاء أو من هؤلاء اهـ.

وقال المناوي في فيض القدير (1/ 358): وأما خبر مسلم عن عائشة ... فأجيب بأنه إنما نهاها عن التسارع إلى القطع بغير دليل أو أنه قبل علمه بأنهم في الجنة اهـ.

وقال أيضا فيه (2/ 236) في الجواب عن هذا الحديث: فنهى عن الحكم على معين بدخول الجنة، فلعله قبل علمه بأن أطفال المؤمنين في الجنة اهـ.

ثانيها: أن ذلك كان قبل نزول الوحي بأنهم في الجنة

قال البيهقي في الاعتقاد (ص 199 - 201): يحتمل أن يكون خبر عائشة رضي الله عنها في ولد الأنصاري قبل نزول الآية (4)، فجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأصل المعلوم في جريان القلم بسعادة كل نسمة أو شقاوتها، فمنع من القطع بكونه في الجنة، ثم أكرم الله تعالى أمته بإلحاق ذرية المؤمن به، وإن لم يعملوا عمله، فجاءت أخبار بدخولهم الجنة، فعلمنا بها جريان القلم بسعادتهم ... ثم ذكر بعض الأحاديث المتقدمة ثم قال: وكل ذلك فيمن وافى أبويه يوم القيامة مؤمنين أو أحدهما، فيلحق بالمؤمن ذريته كما جاء به الكتاب، ويستفتح له كما جاءت به السنة، ويحكم لها بأنها كانت ممن جرى له القلم بالسعادة.

قال: وقد ذكر الشافعي رحمه الله في كتاب المناسك ما دل على صحة هذه الطريقة في أولاد المسلمين، فقال: إن الله عز وجل بفضل نعمته أثاب الناس على الأعمال أضعافها، ومن على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم ووفر عليهم أعمالهم فقال ? ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ?، فلما من على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل كان أن من عليهم بأن يكتب لهم عمل البر في الحج، وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى، قال: وقد جاءت الأحاديث في أطفال المسلمين أنهم يدخلون الجنة (انظر هذا الكلام للشافعي في الأم (2/ 111).).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير