تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال البيهقي: وهذه طريقة حسنة في جملة المؤمنين الذين يوافون القيامة مؤمنين، وإلحاق ذريتهم بهم، كما ورد به الكتاب، وجاءت به الأحاديث، إلا أن القطع به لواحد من المؤمنين بعينه غير ممكن لما يخشى من تغير حاله في العاقبة، ورجوعه إلى ما كتب له من الشقاوة، فكذلك قطع القول به في واحد من المولودين غير ممكن، لعدم علمنا بما يؤول إليه حال متبوعه، وبما جرى به القلم في الأزل من السعادة أو الشقاوة، وكان إنكار النبي صلى الله عليه وسلم القطع به في حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها لهذا المعنى، فنقول بما ورد به الكتاب والسنة في جملة المؤمنين وذرياتهم، وفي هذا جمع بين جميع ما ورد في هذا الباب والله أعلم اهـ كلام البيهقي وهو كلام نفيس جدا.

وقال ابن حزم في الفصل (2/ 385 - 386) بعد ذكر حديث عائشة وغيره: وهذان الحديثان لا حجة لهم في شيء منهما، إلا أنهما إنما قالهما رسو الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه أنهم في الجنة، وقد قال تعالى آمرا لرسوله ? أن يقول ? وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ? قبل أن يخبره الله عز وجل بأنه قد غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر (5)، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن مطعون رضي الله عنه ? والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ? (رواه البخاري (رقم 1243) وغيره) وكان هذا قبل أن يخبره الله عز وجل بأنه لا يدخل النار من شهد بدرا (6) اهـ المراد منه

وقال النووي في شرح مسلم (16/ 207): ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم قال ذلك في قوله ?" ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم " وغير ذلك من الأحاديث اهـ.

وقال عبيد الله المباركفوري في المرقاة (1/ 168): الصواب أن يقال: أن النبي ? قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة اهـ المراد منه.

ثالثها: أن الإنكار إنما على القطع للمعين، فهم في ذلك كالكبار بل هم تبع لهم، فكما لا يقطع بالجنة لمعين بدون دليل فكذلك لا يقطع للصغير على وجه التعيين وإن كان يقطع على الإجمال والإطلاق أنهم في الجنة.

قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 79): وقد يقال: إن أطفال المؤمنين إنما حكم لهم بالجنة تبعا لآبائهم لا بطريق الاستقلال، فإذا لم يقطع للمتبوع بالجنة كيف يقطع لتبعه بها؟.

يوضحه: أن الطفل غير مستقل بنفسه بل تابع لأبويه، فإذا لم يقطع لأبوبه بالجنة لم يجز أن يقطع له بالجنة، وهذا في حق المعين، فإذا نقطع للمؤمنين بالجنة عموما ولا نقطع للواحد منهم بكونه في الجنة، فلهذا- والله أعلم – أنكر النبي على أم العلاء حكمها على عثمان بن مظعون بذلك اهـ.

وقال في طريق الهجرتين (ص 652): فهذا الحديث يدل على أنه لا يشهد لكل طفل من أطفال المؤمنين بالجنة وإن أطلق على أطفال المؤمنين في الجملة أنهم في الجنة، لكن الشهادة للمعين ممتنعة، كما يشهد للمؤمنين مطلقا أنهم في الجنة، ولا يشهد لمعين بذلك إلا من شهد له النبي ?، فهذا وجه الحديث الذي يشكل على كثير من الناس ورده الإمام أحمد وقال: لا يصح ومن يشك أن أولاد المسلمين في الجنة؟ وتأوله قوم تأويلات بعيدة اهـ.

ونقل المباركفوري في المرقاة (1/ 168) عن التوريشي أنه قال: فكأنه عليه السلام لم يرتض قولها لما فيه من الحكم بالغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما إذ هو تبع لهما اهـ.

وأما حديث ابن مسعود في كتابة الآجال وما في معناه من الأحاديث فأجيب بما يلي:

قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 77): أما حديث ابن مسعود وأنس فإنما يدل على أن الله سبحانه كتب سعادة الأطفال وشقاوتهم في بطون أمهاتهم، ولا ننفي أن تكون الشقاوة والسعادة بأشياء علمها سبحانه منهم وإنهم عاملوها تفضي بهم إلى ما كتبه وقدره، إذ من الجائز أن يكتب سبحانه شقاوة من يشقيه منهم بأنه يدرك ويعقل ويكفر باختياره، فمن يقول " أطفال المسلمين في الجنة " يقول: إنهم لم يكتبوا في بطون أمهاتهم أشقياء، إذا لو كتبوا أشقياء لعاشوا حتى يدركوا زمن التكليف ويفعلوا الأسباب التي قدرت وصلة إلى الشقاوة التي تفضي بصاحبها إلى النار، فإن النار لا تدخل إلا جزاء على الكفر والتكذيب الذي لا يمكن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير