تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال فيه أيضا (8/ 427 - 428): وأما قوله " الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا " فالمراد به: كتب وختم، وهذا من طبع الكتاب، وإلا فاستنطاقهم بقوله ? ألست بربكم قالوا بلى ? ليس هو طبعا لهم، فإنه ليس بتقدير ولا خلق.

ولفظ (الطبع) لما كان يستعمله كثير من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الجبلة والخليقة ظن الظان أن هذا مراد الحديث.

وهذا الغلام الذي قتله الخضر قد يقال فيه: إنه ليس في القرآن ما يبين أنه كان غير مكلف، بل ولا ما يبين أنه كان غير بالغ، ولكن قال في الحديث الصحيح:" الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا، ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا "، وهذا دليل على كونه لم يدرك بعد، فإن كان بالغا وقد كفر فقد صار كافرا بلا نزاع، وإن كان مكلفا قبل الاحتلام في تلك الشريعة أو على قول من يقول: إن المميزين مكلفون بالإيمان قبل الاحتلام كما قاله طوائف من أهل الكلام والفقه من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم أمكن أن يكون مكلفا بالإيمان قبل البلوغ، ولم يكن مكلفا، فكفر الصبي المميز صحيح عند أكثر العلماء، فإذا ارتد الصبي المميز صار مرتدا، وإن كان أبواه مؤمنين، ويؤدب على ذلك باتفاق العلماء أعظم مما يؤدب على ترك الصلاة، لكن لا يقتل في شريعتنا حتى يبلغ.

فالغلام الذي قتله الخضر: إما أن يكون كافرا بالغا كفر بعد البلوغ فيجوز قتله، وإما أن يكون كافرا قبل البلوغ وجاز قتله في تلك الشريعة، وقتل لئلا يفتن أبويه عن دينهما كما يقتل الصبي الكافر في ديننا، إذا لم يندفع ضرره عن المسلمين إلا بالقتل اهـ.

- وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/ 30) بعد كلامه على حديث الفطرة: ولا ينافي هذا قوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما " إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق طغيانا وكفرا " فإن معناه أنه قضى عليه وقدر في أم الكتاب أنه يكون كافرا فهي حال مقدرة كقوله ? ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ? وقوله ? وبشرناه بإسحاق? ونظائر ذلك، وليس المراد: أن كفره كان موجودا بالفعل معه حتى طبع، كما يقال: ولد ملكا وولد عالما وولد جبارا، ومن ظن "الطبع" المذكور في الحديث هو الطبع في قوله جل ذكره ? طبع الله على قلوبهم ? فقد غلط غلطا ظاهرا، فإن ذلك لا يقال فيه: طبع يوم طبع، فإن الطبع على القلب إنما يوجد بعد كفره اهـ.

وقال أيضا فيه (2/ 61): وأما قوله " الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا " فالمراد به: كتب وختم.

ولفظ (الطبع) لما كان يستعمله كثير من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الجبلة والخليقة ظن الظان أن هذا مراد الحديث.

وهذا الغلام الذي قتله الخضر يحتمل أنه كان بالغا مطلقا وسمي (غلاما) لقرب عهده بالبلوغ، وعلى هذا فلا إشكال فيه، ويحتمل أن يكون مميزا عاقلا وإن لم يكن بالغا وعليه يدل الحديث، وهو قوله "ولو أدرك لأرهق أبويه " وعلى هذا فلا يمتنع أن يكون مكلفا في تلك الشريعة إذا اشتراط البلوغ في التكليف إنما علم بشريعتنا، ولا يمتنع تكليف المراهق العاقل عقلا، كيف وقد قال جماعة من العلماء: إن المميزين يكلفون بالإيمان قبل الاحتلام؟ كما قالت طائفة من أصحاب أبي حنيفة وأحمد، وهو اختيار أبي الخطاب، وعليه جماعة من أهل الكلام، وعلى هذا فيمكن أن يكون هذا الغلام مكلفا بالإيمان قبل البلوغ ولو لم يكن مكلفا بشرائعه فكفر الصبي المميز معتبر عند أكثر العلماء، فإذا أرتد عندهم صار مرتدا له أحكام المرتدين، وإن كان لا يقتل حتى يبلغ فيثبت عليه كفره.

واتفقوا على أنه يضرب ويؤدب على كفره أعظم مما يؤدب على ترك الصلاة، فإن كان الغلام الذي قتله الخضر بالغا فلا إشكال، وإن كان مراهقا غير بالغ فقتله جائز في تلك الشريعة لأنه قتله بأمر الله، كيف وهو إنما قتله دفعا لصوله على أبويه في الدين؟ كما قال تعالى ? فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ? اهـ المراد منه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير