تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ وَأُلَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعِيهَا، وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إِلا مِنْ قِبَلِ ذَلِكِ، إِذَا عَلا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ)).

[الثَّالِثُ] قال فِي ((فضائل الصحابة)): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ، فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)).

قلت: فهذا جماع ماله من الحديث فِي ((الصحيح))، ولم يقع الاعتراض على مُسْلِمٍ إلا على ثالثها، بما سبق بيانه من كلام الإمامين: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ، وأبِي جعفرٍ الْعُقَيْلِِيِّ.

وأما الاعتذار عن أبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمٍ فِي تخريجه لهذا الحديث، فمن وجهين:

[أولهما] أنه حديث صحيح ليس بِمُنْكَرٍ عنده، فقد اشترط ألا يخرِّج فِي ((صحيحه)) حديثاً منكراً.

وذلك قوله فِي ((مقدمة الصحيح)) (1/ 58:56.نووي): ((وَكَذَلِكَ مَنْ الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْمُنْكَرُ أَوْ الْغَلَطُ، أَمْسَكْنَا أَيْضًا عَنْ حَدِيثِهِمْ. وَعَلامَةُ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ: إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَا؛ خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا. فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ؛ كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلا مُسْتَعْمَلِهِ. فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَالْجَرَّاحُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَبُو الْعَطُوفِ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ، وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ فِي رِوَايَةِ الْمُنْكَرِ مِنْ الْحَدِيثِ، فَلَسْنَا نُعَرِّجُ عَلَى حَدِيثِهِمْ وَلا نَتَشَاغَلُ بِهِ، لأَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالَّذِي نَعْرِفُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِي قَبُولِ مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الْمُحَدِّثُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَارَكَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ فِي بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَأَمْعَنَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ، فَإِذَا وُجِدَ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئاً لَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ قُبِلَتْ زِيَادَتُهُ)) اهـ.

قُلْتُ: فهذا واضح الدِّلالة على أن مُصْعَبَ بْنَ شَيْبَةَ عنده ثِقَةٌ جَائِزٌ قَبُولُ ما يتفرَّدُ به مِنْ الْحَدِيثِ، وذلك لأنه ليس فاحشَ الغلط ولا كثيرَه، بل ((قَدْ شَارَكَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ فِي بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَأَمْعَنَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ))، ولذا أخرج له حديثين مما لا يشكُّ أهل المعرفة بهذا الشأن أنه وافقه عليهما الثِّقاتُ، وتابعوه عليهما، فِي جملة من الأحاديث التى على هذه الشاكلة، وإنما انتقى مسلم منها هذين. وأما الحديث الثالث، والذي وقع الاعتراض عليه من الإمامين: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ، وأبِي جعفرٍ الْعُقَيْلِِيِّ، ووصفاه بالمنكر، فلربما كان عنده بهذه المثابة، وهو الراجح مع النظر الصحيح. فإن لم يكنه، فَمُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ عنده بمثابة من يقبل تفرُّده، كما هو واضح من مقدمته الآنفة الذكر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير