تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما الفقد لغة: فقد عرفه ابن منظور في لسان العرب بقوله: مأخوذ مِنْ فَقَدَ الشيءَ يَفْقِدُه فَقْداً، وفِقْداناً وفُقُوداً، فهو مَفْقُودٌ وفَقِيدٌ: إذا عَدِمَه اهـ.

فأصل الفقد في لغة العرب: العدم، ومن فقد شيئاً عَدِمَه.

والفاقد: إسم فاعل من الفقد، فإذا الفقد معناه: العدم، فالفاقد هو مَنْ عدم الشيء ولم يتحصّل عليه.

وأما العبارة الثانية:

فالطهوران: مثنى طهور، والطهور لغة مأخوذ من مادة طهر يقال: طهر الشيء يطهر طهارة وطهراً، وأصل الطهر في لغة العرب: النظافة، والنقاء من الدنس.

والمراد بالطهورين: طهارة الأصل وهي طهارة بنوعيها وهما: الوضوء، والغسل.

وطهارة بدلية، وهي طهارة التيمم، وتكون بالصعيد الطاهر.

ففاقد الطهورين هو الشخص الذي فقد ما يتطهر به وهما الماء، وما ينوب عنه من الصعيد الطيب.

المبحث الثاني:

أهمية مسألة فاقد الطهورين:

إعتنى العلماء رحمهم الله بهذه المسألة، وبينوا حكمها في كتبهم، والسبب في ذلك ممتد من عِظَمِ شأن ما تتعلق به هذه المسألة، وهي: الصلاة التي هي ركن ركين من أركان هذا الدين، والتي هي العهد الذي بين العبد وربه، ولما كانت مسألة الطهارة شرطاً في صحة الصلاة لَزِمَ من ذلك بيان الأحكام المستثناة وهي حالة الفقد الحقيقي أو الحكمي للطهارة سواءً كانت أصلية أو بدلية، ولذا إهتم الفقهاء بهذا المسألة لما ينبني عليها من أحكام من حيث صحة صلاة العبد وفسادها، وما هو الواجب على العبد إذا ابتلي بشيء من ذلك العجز للطهارتين، وأيضاً لما في هذه المسألة من الحرج والضيق على الشخص حيث أنه مأمور بتأدية ما أوجب الله عليه من الطهارة والصلاة، فيأتي السؤال بعد ذلك ما الحكم إذا لم أجد ما أمرني الله به؟ فهل أصلي على حالتي أم أني أترك الصلاة لفقد شرطها ... وهذا هو محل بحث العلماء رحمهم الله، ولذا كم من مسألة قد يستغربها البعض وقد أوردها الفقهاء في كتبهم بحثاً وتنقيحاً وجهداً، فنجد بعد ذلك بقرون عديدة لها تطبيقات في حياتنا المعاصرة فما كان بحثهم للمسائل عبثاً ولا تندراً فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأعظمه.

الفصل الثاني

المبحث الأول: صورة المسألة، وأمثلة على فاقد الطهورين:

صورة المسألة:

أن يفقد المصلي كلا الطهورين: الأصل وهو الماء، والبدل عنه وهو الصعيد الطيب، فاختلف العلماء رحمهم الله في إيجاب الصلاة عليه والإعادة بعد ذلك، وتعرف هذه المسألة بمسألة [فاقد الطهورين] كما عبّر عنها غير واحد من العلماء.

أمثلة فاقد الطهورين:

1 - المصلوب: وهو المعلق على خشبة ونحوها مثلاً ولا يجد من يناوله الطهورين.

2 - الخائف من النزول عن الدابة ومثله في زماننا من كان في سيارته وخاف على نفسه أو كان معه عرض يخاف عليه كنسائه الضرر إن نزل منها، وكذلك مثله من كان في الطائرة ويستحيل عليه النزول منها.

3 - المريض لا يجد من يناوله ذلك كالمشلول والعاجز.

4 - المحبوس في موضع لا يجدهما كالمسجون ونحوه.

5 - وكذلك من كان في بلد كلها ثلوج.

وغيرها من الصور التي يتعذر فيه إستعمال الماء والصعيد.

المبحث الثاني:

أقوال العلماء في حكم صلاة فاقد الطهورين، وأدلتهم، وسبب الخلاف، والراجح من ذلك الخلاف:

إختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أربعة أقوال مشهورة، وزاد بعضهم قولاً خامساً:

القول الأول:

لا يصلي، ويقضي، وبه قال الإمام أبو حنيفة، وبعض أصحابه، وهو وجه عند الشافعية رحمهم الله، وبه قال الثوري والأوزاعي.

القول الثاني:

لا يصلي، ولا يقضي، وبه قال الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس، وبعض أصحابه رحمة الله على الجميع، وقال الإمام ابن عبد البر نقلاً عن ابن خواز بنداد: (رواه المدنيون عن مالك، قال: وهو الصحيح من المذهب).

القول الثالث:

يصلي، ويقضي، وبه قال الإمام الشافعي في رواية أصحابه المدنيين عنه، وقول أبي يوسف من الحنفية، وقول بعض المالكية كابن القاسم في العتبية وابن عبد الحكم ومطرف، ورواية عن الإمام أحمد، والطبري.

القول الرابع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير