ـ[الخليلي الحنفي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 11:16 ص]ـ
هناك كتب أصحاب المذاهب الأربعة المتبعة التي تلقتها الأمة بالقبول، وكتب تلاميذهم ومن تبعهم، طرحوا فيها ما يبين الحق، وينير الطريق للدارس، فلا بأس لو التزمت مذهباً، وأتقنت مسائله، فذلك خير عظيم لك ولغيرك.
ـ[أبو علي الحنبلي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 12:25 م]ـ
في الحقيقة كلام أخي الحنفي هو الصحيح. فمعرفة صور المسائل تؤخذ من كتب مقرري المذهب و مصححيه والتمذهب هو أقصر الطرق لمعرفة الفقه. فصورة مسألة كهذه يتتابع في كشفها علماء المذهب الواحد وبطرق إيصال متنوعه ليتضح المراد ويطمئن الفؤاد.
ـ[أبو علي الحنبلي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 12:52 م]ـ
وإليك أخي ملخص ما ذكره الحنابلة حول المسألة:
وهو منقول من كتب أهل العلم بالمذهب.
ماء يرفع حدث الأنثى دون حدث الرجل والخنثى، وهو الماء الذي فَضُل من وضوء امرأة ذات شروط، وقد دل على صحة هذا الحكم: دلالة الخبر، وهو ما خَرَّجه الإمام أحمد في: "مسنده" وأصحاب السنن الأربعة وحسَّنه الإمام الترمذي - يرحمه الله - من حديث الحَكَم بن عَمْرو الغِفَاري، وفيه قال: (نهى النبي r أن يتوضأ الرجل بفَضْلِ طُهور المرأة).
والنهي هنا يقتضي فساد الطهارة به، فلا يرفع الحدث حينئذٍ؛ لأن النهي في المذهب يقتضي الفساد.
وثمَّة قيود:
أولها: أن تختلي المرأة بالماء، وضابط الخَلْوة هي الخَلْوة في النكاح على المذهب، وضابط الخلوة في النكاح هو ألا يراها آخر، والرؤية هنا: الرؤية العينية الحقيقية؛ إذ إن الرؤية تحصل على صورتين:
الصورة الأولى: أن تكون رؤية حقيقية، وهي بمشاهدة العين المجردة.
الصورة الثانية: أن يكون بغيرها كأن يراها في مرآة عاكسة، أوبـ: (كاميرة فيديو) أو نحو ذلك، فهذا لا عبرة به، ولا يقطع الخلوة. كذا المذهب، فلابد أن يكون بالعين الباصرة الحقيقية المجردة.
وإنما كانت الخلوة قيداً؛ لما خَرَّجه البيهقي في: "سننه"، والدارقطني في: "سننه" في خَبْرِ عبد الله بن جَرْجِس، وفيه قال النبي r : ( توضأ أنت هاهنا، وهي هاهنا، فإذا خَلَتْ به فلا تَقْرَبنَّه)، وفيه دلالة على شَرْط الخلوة.
وثانيها: أن يكون الماء قليلاً (وهو ما دون القلتين)؛ لأن الماء الكثير لا يحمل الخبث؛ لحديث القلتين، وفيه يقول النبي r : ( إذا بلغ الماء قلتين لم يُنَجِّسه شيء)، وفي لفظ: (لم يحمل الخَبَث - أي النجاسة –) فكان القيد في الماء القليل.
وثالثها: أن تكون امرأة؛ لأن الحديث ورد في المرأة، ويخرج عن المرأة مسمَّىً شيئان: أولهما: الرجل، والثاني: الخُنْثَى، والمراد بالخنثى: من له آلة الذكر والأنثى؛ لأن الحديث ورد فيه خَلْوة المرأة فيخرج خلافها، وخلافها الرجل والخنثى، فاقتصر الأمر عليها.
وينبَّه إلى أن المرأة لم يأت تقييدها بالإيمان، فيدخل في ذلك: المرأة الكافرة وغيرها.
ورابعها: أن تكون مكلَّفة (أي عاقلة بالغة)، أما اشتراط كونها عاقلة؛ فلأنه هو الذي أنيطت به الأحكام، إذ ذكر النبي r لتطهُّر المرأة هو ذكر لحكم شرعي، والحكم الشرعي لا يناط بغير العاقل، فدل على أن المراد بالمرأة هنا: المرأة العاقلة، وكذا يقال في قيد كونها بالغة؛ لأن المرأة البالغة هي التي اُعتيد في الخطاب الشرعي ذكر كونها المرأة (أي: باصطلاح المرأة)، كذا قال جماعة، وقيل: لا لذلك، وإنما لدلالة المشاركة في الماء، حيث إن العادة تكون بين زوجٍ وزوجة ونحو ذلك، فيكون بالغاً، وقيل: بل لكون الحكم يتعلق بالوجوب، ومن لم يبلغ لا يجب عليه الطهارة أصالة، فتبين أن المرجع إلى امرأة مكلفة
(بالغة عاقلة).
وخامسها: أن تكون لطهارة كاملة، والمراد بالطهارة الكاملة: أن تُكْمِل وضوءها ()، فما فَضُل من ذلك فهو الماء الذي نُهِيَ عنه الرجل والخنثى، فلا يرفع حدثهما حينئذٍ؛ لأن النهي يقتضي الفساد - كما سبق -.
وإنما اشتُرط هذا الشرط؛ لأن الأصل في الطهارة إذا أُطْلِقت شرعاً فالمراد الطهارة التامة؛ لأن جُزْءَها لا يسمى طهارة في عادة الشرع، فأُخِذ بذلك، فصح الشرط.
وسادسها: أن تكون الطهارة لرفع حدثٍ أصغر أو أكبر، وأما إذا لم تكن كذلك،كتجديد وضوء، أو غسل مستحب، أو نحو ذلك مما ليس رفعاً لحدث، فإنه يصح أن يرفع الحدث، ولا شيء على الرجل والخنثى في استعماله حينئذٍ.
فهذه شروط إذا اجتمعت في ماءٍ سُمِّي بفَضْل طهور المرأة وهو لا يرفع حدث الرجل ولا حدث الخنثى؛ لما سبق من تدليل على ذلك.
(تنبيه):
خَلْوة المرأة بالتراب عند التيمم لا يؤثر تأثيره في الماء؛ لأن الأصل عدم تأثُّر ما فضل عن المرأة من تراب، وإنما خُصَّ الماء؛ لحديثٍ خَصَّه فلا يُعَمَّم حينئذٍ، فيبقى خاصاً عليه.
(تنبيه):
تصح إزالة النجاسة بهذا الماء، ولكنه لا يرفع الحدث فقط لصنفٍ سبق؛ لأن الحديث تعلق بالحدث، ولم يتعلق بالخبث، فبقي على أصله.
منقول.
¥