تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله والصلاةُ والسلام على سيدنا محمد رسول الله، حُكْمُه الحرْمَةُ لنجاسَتِه بشربهِ من الدمِ المسفوحِ الذي يسيلُ منه حالَ وضع بعضه على بعض. قال في المجموع: ودم مسفوح وإن من سمك، فما شَرِبَه من الممَلَّح بعد انفصاله نجس. اهـ. والله ? أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم. اهـ. من فتاويه المسماة بـ فتح العليّ المالك.

وقال حجازي في حاشيته على المجموع ما نصه: قوله: (نجس) وليس كالدم الباقي في العروق كما قيل به؛ لأنَّ السفْحَ فىما لا يفتقر لذكاة الانفصال () عنه كما في عبد الباقي. اهـ.

وقال في الضوء ما نصه: قوله: (فما شربه) يشير إلى أنه إنْ كان من أعلى لا يشربُ فهو طاهر لكن الحكمَ عندنا للغالب. اهـ. وقوله: إنْ كان من/أعلى لا يشرب. فىه نظرٌ؛ إذ المعلوم لمن شاهد أماكن إعمال الفسيخ أنَّ الدمَ يعلو على جميعه، فلا يبقى شيء من السمك إلا وقد أخذَ حَظَّه من ذلك الدم المسفوح، وإنْ نقص بعد ذلك، وما ذكره في الضوء بعد ذلك من التشقيق الموهِمِ خلافُ المراد لا يُنظرُ إليه لا سيما قوله: والشافعية يقدمون الأصل عليه. اهـ. فإنه يوهِمُ أن السادة الشافعية يقولون بحلِّ أكل الفسيخ، وليس كذلك؛ إذ المنصوص عندهم هو التحريم حتى إنهم ذكروه في الرسائل المتداولة بين الصغير والكبير، فقد قال العلامةُ الحلواني الشافعي في كتابه الوسم في الوشم ما نصه: وقد أجمع المسلمون على طهارةِ ميتة السمك كالجراد، نعم الفسيخُ المعروفُ متنجس لاختلاطه بدمه وصديده وما في جوفه، فلو أُخرِجَ ما في جوفه قبل تفسيخه وغُسِل ثم فُسِّخ فمتنجسٌ أيضًا؛ إذ مجرد اختلاطه بصديد نفسه المنبثِّ فىه كافٍ في علة التنجس كما أفاده العلامةُ السِّجاعيُّ في رسالته التي ألفها في تحريمه؛ فهو بأنواعه متنجس، ولا يمكن تطهيرهُ، فلا يجوز أكلُهُ ولا بيعُه ولا التصرفُ فىه، لا فرق في ذلك بين الفسيخةِ الواحدة تفسَّخُ وحْدَها وبين الأكثر، ولا بين الطبقة العليا والطباق السفلى، لا خلافَ في ذلك في مذهبنا كما في تلك الرسالة، فألفُ سِيخٍ في عيِن مَن يُحلِّلُ الفسيخ عندنا، إلا أن الونائيَّ نقل عن فتاوي الإمام ابن حجر حِلَّ الصغير منه؛ لأنه يُعفى عما في باطنه بخلافِ الكبير لامتزاج لحمِه بفضلاته التي في باطنه بواسطة الملح. اهـ.

لكن المعروفَ عندنا ما مر من تحريمه مطلقًا لما مر. وكذا عند الحنفىة فإنهم حرموه كسائر اللحم المنتن؛ لكن لكونه يضرُّ لا لأنه نجس،

وقيل: إذا اشتدَّ تغيره تنجَّس وجُمع بحمل الأوَّل على ما إذا لم يشتد، وعليه فحرمةُ الفسيخ عندهم للأمرين جميعًا: الضررُ والنجاسةُ فإنه شديدُ التغير والنتن كما لا يخفى، وظاهر قولهم: لكونه يضرُّ أن المعتبر فىه الشأن، فىُحَرَّم ولو على مَن لا يضره من نحو معتاديه كالأصحاء الأقوياء الذىن لا يظهر لهم ضرره، كما تحرمُ الخمر على من لا تسكره، لأن شأنها أن تسكر، وهذه العلةُ وحدَها ناهضةٌ بالتحريم عندنا؛ فقد نص أئمتُنا أن السمك الطافى على وجه الماء/طاهر وأنه إذا صار بحيث يخشى منه أن يُورِثَ الأسقامَ حَرُمَ للضرر، وقالوا في سمكةٍ وُجِدَت في بطن سمكة أو سَبعٍ تحرمُ إن تغيرت لذلك، وليس ذلك خاصًّا بالسمك، وإنما ذكرنا من كلامهم المناسب هنا. وبالجملة فمذهبنا تحريمُ ما تحقق أو خُشِيَ أنه يضر.

وأما المالكية فقد ذكروا أنه إنْ تحقق ضررُ ميتةِ البحر حرمت للضرر، ولم يذكُروا فىما رأيت حكمًا فىما إذا خُشيَ الضرر، فاسألهم أنت.

وأما مذهبهم في خصوص الفسيخ: أهو نجسٌ فىحرم، أو طاهرٌ فىحل؟ فمبنيٌّ على اختلافهم في دَمِ السَّمكِ المسفوح أي الجاري، فالمشهورُ الذي عليه مالك وأصحابه أنه نجس، وذهب القابسيُّ ـ واختاره ابن العربي ـ أنه طاهر؛ لأنه لو كان نجسًا لَشُرِعت ذكاتُه، وهذا مردودٌ كما صرَّحوا به، فعلى المشهور لا يؤكلُ منه إلا الطبقة العليا؛ لأنها لا تتشرب من نجِسٍ فوقها بخلاف الطباق السفلي فإنها تتشرب النجس مما فوقها، فهي متنجسة بخلاف العليا فهي طاهرة؛ لأن دم السمك إنما يحكم بنجاسته عندهم إذا انفصل، فأما قبل الانفصال فلا، هذا ما قاله العلامة الأمير، وما ذكره في الطبقة العليا ونحوها ظاهر إن كانت على تلك الصفة، ولكن أخبرني الثقةُ أنهم يرضخون السمك بعضه على بعض ويضعون الملح فىسيل صديدُه ويكثر حتى يطفح فوق الطبقة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير