5. مارواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها،وإذنها صماتها)
ووجه الدلالة في الحديث:
أن كل امرأة بالغة عاقلة بالغة لها أن تزوج نفسها بغير إذن وليها وعقدها على نفسها صحيح. وبهذا قال الزهري والشعبي.
قال الأمام الزيلعي:ووجهه أنه شارك بينها وبين الولي ثم قدمها بقوله: أحق وقد صح العقد منه فوجب أن يصح منها. نصب الراية3/ 182
وقال ابن عابدين: والأيم من لازوج لها بكرا أو لا. فانه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت وقد جعلها أحق منه به. ولكن يستحب تفويض أمرها إلى وليها كي لا تنسب إلى الوقاحة. رد المحتار4/ 154 دار الكتب العلمية
6. مارواه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن المنذربن الزبير،وعبد الرحمن غائب بالشام، فلما قدم عبد الرحمن قال: أمثلي يصنع به هذا، ويفتات عليه، فكلمت عائشة المنذر، قال المنذر: فان ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ماكنت أرد أمرا قضيتيه) وهذا يدل على صحة عقد الزواج بغير ولي ونفاد عبارة النساء فيه وإلا لما فعلت عائشة ذلك. عقود الجواهر المنيفة. الزبيدي 1/ 249
7. دليل قياسي: أن النكاح عقد من العقود كالبيع والشراء، وعقدها هذا نافذ بلا خلاف، فيقاس عليه عقد النكاح إذا كانت بالغة عاقلة رشيدة. لما يترتب على النكاح أمور أهم بكثير مما يترتب على عقد البيع والشراء. ثم ان الولاية في النكاح كما هو معلوم أسرع ثبوتا منها في المال.
8. من المعقول: قال الإمام سراج الدين الغزنوي: أنها مكلفة قد ثبتت أهليتها بجميع التكاليف الشرعية، والبضع حقها دون الولي ولهذا يكون بذله لها.فقد تصرفت في خالص حقها فجاز لها ذلك، ولأنها تملك الاقرار بالنكاح فتملك الإنشاء. الغرة المنيفة 129 نفاد عقد الزواج بغير ولي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه أولى مفردات السادة الحنفيه، مما خالفوا فيه جمهور الفقهاء بأدلتها،والنصوص الدالة عليها، وسأتبعها ان شاء الله بمسائل أخرى تكون مرتبة وفق أبواب الفقه، سائلا المولى الاعانة والتوفيق والسداد.
صورة المسألة: وهو لو أن فتاة بالغة عاقلة زوجت نفسها من الكفء، وبمهر المثل،هل ينفد عقدها؟
? ذهب جمهور السادة الحنفية إلى نفاد عقدها على نفسها بغير ولي. وهو قول علي وعائشة وموسىبن يزيد والشعبي والزهري وقتاده والحسن البصري وابن سيرين والقاسم بن محمد والأوزاعي وابن جريج. رضي الله عنهم جميعا.
? ذهب جمهور الفقهاء المالكية الشافعية والحنابلة إلى عدم نفاد ذلك العقد، بل يحتاج إلى ولي.
الخلاف في المذهب الحنفي:
ذكر ابن عابدين في حاشيته اتفاق أصحاب المذهب على أن الولاية قسمان: ولاية ندب،وولاية اجبار.
وذكر أن ولاية الاجبار وهي باتفاق أصحاب المذهب تكون على الصغيرة ولو ثيبا والمعتوهة والمرقرقة (أي الرقيق).
أما ولاية الندب فهي تكون على الحرة العاقلة البالغة. وهو قول أبي حنيفة وزفر والحسن وظاهر الرواية عن أبي يوسف. وقال محمد: لايجوز إلا باجازة الولي أي أن العقد ينعقد عنده موقوفا. فان ماتا قبلها لايتوارثان ولا يقع طلاقه ولا ظهاره ووطؤه حرام.
وروى صاحب الاختيار 3/ 90 رجوعه إلى قول أبي حنيفة قبل وفاته بسبعة أيام وحكى الفقيه أبو جعفر الهندواني: أن امرأة جاءت إلى محمد قبل موته بثلاثة أيام وقالت: ان لي وليا وهو لا يزوجني إلا بعد أنت يأخذ مني مالا كثيرا، فقال لها محمد: اذهبي فزوجي نفسك. وهذا يؤيد ماروي من رجوعه. وذكر أيضا صحة رجوعه ابن مازة صاحب المحيط البرهاني3/ 46
أدلة السادة الحنفية
1. قوله تعالى: (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) 230/البقرة
وجه الدلالة في الآية من وجهين:
أن الله أسند النكاح إلى النساء ونهى عن منعهن من ذلك. وهذا الإسناد إليهن يدل على صحة عبارتهن ونفاذها، حيث أن الله أضاف النكاح إليها على سبيل الاستقلال ولم يذكر معها غيرها، وإضافة النكاح إليها يدل على نفاد العقد بعبارتها.
¥