هذه مسألتنا في حكم سماع الملاهي أتينا لك بأدلة من القرآن فما ارتضيتها وأتينا لك بحديث في البخاري وغيره وتكلمت عليه ونقلنا لك إجماعا منصوصا من أهل العلم على اختلاف الأزمان والمذاهب فقلت إنهم مقلدة أتلومني حينئذ إن وصفتك بما تعلم ولا أريد قوله هل تلومني؟ وقد تذكرت مرة شخصا قلت له إن المرأة ليس عليها جمعة فقال كيف ذلك؟ فقلت إنه نقل الإجماع على ذلك فقال إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن للعيد فكيف بالجمعة فقلت إنه إجماع فقال لا يمكن وما هو مستنده فقلت حديث طارق بن شهاب فذهب وبحث وقال إن فيه علة لا تخفى وذلك في حديث طارق بن شهاب وأنا أضعف الحديث لإرساله فقلت له كيف تريدني أن أجيبك وقد قطعت علي الطرق المعهودة في نقاش أهل العلم أنا ألزمك أن تأتي بمن خالف في هذه المسألة وتحتج علي بقول نفسك كيف هذا؟
وصاحبنا فيه شبه من أبي محمد لا يقر بالإجماع ولم ينقضه كما سيأتي ثم يقول لابد لللإجماع من مستند فإذا أتينا بالمستند قال لا أوافق دلالته ضعيفة إما رواية أو دراية وهل هذا سبيل إلا من اعتقد قبل أن يستدل!!
نرجع إلى أخينا أبي محمد حيث قال:
(ومن جهة أخرى، فالإجماع على التحقيق لا يصح وجوده في مسألة لم يثبت حكمها بالضرورة من دين الإسلام كأركان الإسلام والإيمان وحرمة الزنا والقتل فهذا هو الإجماع الصحيح الذي من أنكر ما ثبت به كفر لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة وخروجه عن الجماعة باتباعه غير سبيل المؤمنين وهذا الإجماع لا يصح ادعاؤه في هذه المسألة فإنها لم يقم دليل واحد كما تقدم على إثبات التحريم فيها فكيف يتصور فيها الإجماع؟ ...... )
حسنا يا أبا محمد: لن أعلق على هذا الكلام ولعلك تعلم السبب الذي أعنيه ولم تصرح به أنت = لو ثبت أنك لم تسبق إلى جواز سماع آلات اللهو هل ستقول بجوازها أم لا؟
هذا ما أريده
أما الخوض في معنى الإجماع ونقل كلام الإمام أحمد وكلام الشافعي أصبح يعرفه في هذا الوقت صغار الطلبة لكن ما أريد تقريره منك: إذا ثبت أنك لم تنقل من عالم واحد يقول بالجواز فما ذا ستفعل؟ هل ستقول إن هذا الإجماع سكوتي وأنا لا أحتج به وهذا رأيي؟ أم ستقول كلا لن أقول به والقول به مذموم وخروج عن سبيل المؤمنين ولا أعلم عالما واحدا نظر هذا التنظير أحسب أن النتيجة هي الثانية
إذا: سنعتبر كلامك السابق لا شيء وهو في طي النسيان فمر عليه ولا تقف
ثم قال: (وغاية ما يكون عليه اعتبار هذا النوع من الإجماع: أن يستأنس به مع النص أما أن يحتج به مجردا فلا وذلك لاحتمالات منها:
1 – أن يوجد القول المخالف ولم يطلع عليه مدعي الإجماع أو لم يحفظ ذلك القول أصلا إذ لم يتكفل لنا ربنا عز وجل بحفظ جميع أقاويل العلماء)
مرحبا بالخلاف هاته أين هو لو كنت تملكه لما احتجت إلى هذا التطويل والتقرير فأقصر وأما قولك (إذ لم يتكفل لنا ربنا عز وجل بحفظ جميع أقاويل العلماء) ومحال أن تجتمع الأمة على ضلالة لم يحفظ على مر تاريخ الأمة الإسلامية من حفظ قوله بجواز سماع آلات الملاهي حتى أنقذ الله البشرية بشخصكم ومن وجدته من المتأخرين فقررتموه نعوذ بالله من الخذلان إذا كان هكذا تقريرك كيف ستتناقش مع أهل البدع وأهل الضلال إن كنت تخالفهم لا يمكن أن تقوم لك قائمة معهم ما دمت بهذا التفكير
(2 – أن يسكت المخالف عن إبداء خلافه مع علمه بالقول الآخر لعلة كخوف أو مراعاة مصلحة راجحة عنده أو لغير ذلك)
الله أكبر دين الله وشرعه لا يظهر على مدى قرون عديدة لمجرد خوف ونحوه ثم مثل بمثال على قول امتنع صاحبه من القول به لخوفه!! ونسي أن هذا القول لم يختف وها هو انتشر في وقته وبعد وقته وإلا كيف علمه هو
(3 – أن لا يعلم المجتهد بالقول فينكره أو يوافقه)
نحن نتكلم عن إجماع المجتهدين ولسنا نتكلم عن مجتهد بعينه فما دام هذا القول لم يعلم به المجتهدون كلهم فما فائدته إذا!! وهل هو إلا الباطل
(4 – أن لا يكون قد أنشأ رأيا في المسألة لا وفاقا ولا خلافا ومعلوم ضرورة أن العالم ربما توقف في المسألة للتردد فيها وعدم ظهور المرجح)
قلت لك نحن نتكلم عن عموم المجتهدين وليس مجتهدا بعينه فما علاقتنا بأحد العلماء
ثم ذكر زبدة هذا الكلام الطويل محصلة هذا المبحث الذي وضع عنوانه (مناقشة الاستدلال بالإجماع)
فقال:
¥