تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن قياس القرض على الصرف غير صحيح؛ لأنه قياس مع وجود الفارق، وذلك أن القرض عقد تبرع وإرفاق؛ وأما الصرف فعقد معاوضة.

2 - أن القرض سبب يوجب رد البدل، فأوجبه حالاً كالإتلاف (13).

ويناقش من وجهين:

الأول: أن القياس على الإتلاف غير صحيح؛ إذ القرض تبرع، والإتلاف جناية.

الثاني: أن بعض أنواع الإتلاف لا توجب رد البدل معجلاً، بل يكون مؤجلاً، كما في دية شبه العمد والخطأ (14).

3 - القياس على العارية؛ وذلك: «أن القرض يسلك به مسلك العارية، والأجل لا يلزم في العواري» (15).

ويناقش:

أن هذا القياس غير صحيح؛ لأن حكم الأصل وهو لزوم الأجل في العارية محل خلاف فلا يصح القياس عليه.

جاء في الكافي لابن عبد البر: «ومن أعار شيئاً عارية مطلقة فليس له عند مالك أخذه من المستعير حتى ينتفع به الانتفاع المعهود بمثله في العواري في تلك المدة» (16).

القول الثاني: يتأجل القرض بالتأجيل.

وهو مذهب المالكية (17)، ووجه عند الحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (18).

وعلى هذا القول لا يحق للسمسار مطالبة المستثمر بدفع جزء من الديْن قبل حلول الأجل.

واستدلوا بما يلي:

1 - قوله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].

وجه الاستدلال: أن القرض دين، فيدخل في عموم الآية، والمراد من الكتابة حفظ قدر الدين وأجله، وهذا يدل على أن القرض يتأجل بالتأجيل؛ فالآية لم تفرق بين القرض وسائر المداينات.

2 - ما ثبت من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيداً. قال فائتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلاً. قال صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى ... » الحديث (1).

وجه الدلالة من الحديث: أن التأجيل في القرض ذكر في الحديث من باب المدح للمقرض، وهذا يدل على مشروعيته.

ويناقش:

أن هذا شرع من قبلنا فلا يحتج به.

ويجاب:

أن شرع من قبلنا ليس بحجة إذا خالفه شرعنا، أو لم يوافقه، وفي هذه المسألة لم يرد في شرعنا ما يخالفه، بل جاء شرعنا بموافقته، فيكون حجة ودليلاً على جواز تأجيل القرض.

الترجيح:

بعد عرض الخلاف في المسألة نجد أن الجمهور استدلوا بأقيسة مناقشة، ولم يستندوا لأدلة من الكتاب ولا السنة، بينما المالكية استندوا إلى الكتاب والسنة.

فالراجح ـ والله تعالى أعلم ـ هو القول الثاني لقوة ما استدلوا به، ويعضدهم كذلك الأصل في المعاملات الإباحة، كما أن التأجيل فيه مصلحة للمقترض وهو من تمام التبرع.

وعليه: إذا لم يحدد الأجل، ولم يكن هناك عرف متبع، فليس للسمسار أن يطالب المستثمر بسداد الديْن، لا سيما أن الأسهم مرهونة لديه.

المسألة الثانية: الثانية: لو شُرط تأجيل الوفاء بالقرض، هل يجب الوفاء بالشرط أو لا؟

هذه المسألة مبنية على المسألة السابقة؛ فالخلاف فيها كالخلاف السابق، ولهذا اختلف الفقهاء فيها على قولين:

القول الأول: لا يجوز اشتراط الأجل في القرض، وللمقرض المطالبة بقرضه في أي وقت، ويلزم المقترض الوفاء عند طلب المقرض له.

وهذا قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة (2).

واستدلوا بأدلتهم في المسألة السابقة.

القول الثاني: أن اشتراط الأجل في القرض جائز، ويجب الوفاء به.

وهذا مذهب المالكية (3).

يلزم من ترجيح الباحث قول المالكية في المسألة السابقة ترجيحه لقولهم أيضاً في هذه المسألة؛ إذ لا فرق بين المسألتين، والله ـ تعالى ـ أعلم.

ومما سبق فإن تحديد أجل وفاء القرض وعدمَه لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يُحدَّدَ أجلٌ للوفاء، وسواء كان هذا الأجل حدد بمدة كشهر أو شهرين، أو بوصف كنزول القيمة السوقية للأسهم نزولاً شديداً؛ ففي هذه الحالة يجب الوفاء به في وقته على كِلا القولين.

الثانية: أن لا يُحدَّدَ أجلٌ للوفاء، فهنا إن كان هناك عرف متبع وجب العمل به، وإلا فيُنْظَر المقترض إلى الميسرة على القول الراجح.

المقصد الثاني: بيع جزء من الأسهم المرهونة لاستيفاء دينه من ثمنها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير