تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 01 - 06, 06:55 ص]ـ

وأما المسيرة التاريخية للتقنين فيعتبر أول من طرح مسألة تدوين الأحكام الشرعية والإلزام به ابن المقفع في كتابه إلى المنصور، ثم طلب المنصور من الإمام مالك تنفيذ الاقتراح فرفض مالك رحمه الله إلزام الناس باختياراته، ثم أعاد المهدي الطلب وبعده الرشيد، ومالك مصر على رفض ذلك.

وفي نهاية العهد العثماني، اكتسحت موجة القوانين الوضعية البلاد فخاف أهل الأمر من انفراط زمام القضاء من أهل الفقه والشريعة فكتبوا مجلة (الأحكام العدلية) التي تضمنت جملة من أحكام: البيوع، والدعاوى، والقضاء وصدرت هذه المجلة عام 1869 م، واحتوت على 1851 مادة أستمد أغلبها من الفقه الحنفي وقد ظلت هذه المجلة مطبقة في أكثر البلاد العربية إلى أوساط القرن ا العشرين.

إلا أن ذلك لم يشفع لأهل القضاء الشرعي، فألغي العمل بالمجلة بقرار من قادة الثورة الكمالية على الخلافة العثمانية.

ثم إن الأمة لما ضعف تمسكها بالدين الحق سلط الله عليها من أعدائها من ينتهب خيراتها بالاستعمار العسكري والسياسي، ثم بدأت صحوة بعد غفوة فتنادى المصلحون لطرد المحتل فبدأت المقاومة في كل مكان بدعم أهل العلم والدين، مما دحر العدو ورده على أعقابه خاسرا. ولكنه استطاع أن يترك في بلاد الإسلام من يقوم بمهمة تغييب الأمة عن دينها دون أن يكون العدو في الصورة، فخرجت أفواج من المتعلمين على يد المستعمر فنادوا بإزاحة أحكام الشريعة عن الحكم بين الناس واستعاضوا بالقوانين الوضعية التي هي نتاج عقول أعدائهم السابقين من الفرنسيين وغيرهم. وللأسف فقد استطاعوا فرض تلك الأحكام على كثير من بلاد الإسلام، ونجّى الله المملكة العربية السعودية من تلك القوانين الأرضية.

وقد قاوم علماء الإسلام ودعاته المخلصون ذلك الاستعمار القانوني مقاومة شديدة، فبينوا حرمة تحكيم القوانين بدلا من الشريعة الإسلامية، وبينوا محاسن الشريعة وموافقتها للعقول السليمة، وزيف القوانين وعدم قيامها بمصالح الناس. وكان من تلك الجهود الدعوة إلى تيسير الرجوع للشريعة بإعادة كتابة أحكامها على النمط القانوني أي بشكل مواد متسلسلة.

وأما في المملكة العربية السعودية فإن المرجع في القضاء إلى الكتاب والسنة، مع الاستئناس بكتب المذهب الحنبلي. وفي عهد الملك فيصل رحمه الله رفع اقتراح لهيئة كبار العلماء لبحث موضوع تدوين الراجح من أقوال الفقهاء والإلزام به، وتم بحث الموضوع من كافة جوانبه وصدر قرار بالمنع بالأغلبية.

ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 01 - 06, 06:57 ص]ـ

حجج المانعين للتقنين:

ذهب المحققون من العلماء المعاصرين إلى منع التقنين وبه قال: الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي الشيخ عبد الله بن حميد والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ القاضي عبد العزيز بن صالح والشيخ القضي سابقا والمفتي الثاني للسعودية عبد العزيز بن باز والشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ والشيخ القاضي سليمان العبيد والشيخ القاضي محمد الحركان والشيخ عبد الله بن غديان ورئيس مجلس القضاء الأعلى حاليا الشيخ القاضي صالح بن لحيدان.

ويلاحظ أن المشايخ: ابن حميد وابن صالح وابن باز والعبيد والحركان رحمهم الله وابن لحيدان حفظه الله كلهم قضاة سابقون، بل ووصلوا إلى درجات عالية في السلم القضائي.

وأهم أدلة القائلين بمنع التقنين:

1. الآيات التي توجب الحكم بما أنزل الله، ومنها قوله تعالى:) إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ([النساء: 105]، وتقنين الفقه وإلزام القضاة بالحكم به دون نظر إلى ما يوافق الدليل وما يخالفه حكم بما رآه الناس، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحكم بما رآه فكيف يجوز لغيره أن يحكم بآراء الفقهاء.

2. وقوله تعالى: "فاحكم بين الناس بالحق" [ص: 26]، فهاتان الآيتان تأمران بالحكم بما أنزل الله وهو الحق، والحق لا يتعين بالراجح من أقوال الفقهاء، لأنه راجح في نظر واضعيه دون سواهم فلا يصح الإلزام به ولا اشتراطه على القضاة عند توليتهم ولا بعدها.

3. ومن الآيات كذلك قوله تعالى: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" [الشورى: 10]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير