تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن أرادوا بالإمام الإمام المقيد: فذاك لا يوجب أهل السنة طاعته، إن لم يكن ما أمر به موافقا لأمر الإمام المطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم إذا أطاعوه فيما أمر الله بطاعته فيه، فإنما هم مطيعون لله ورسوله، فلا يضرهم توقفهم في الإمام المقيد: هل هو في الجنة أم لا؟ كما لا يضر أتباع المعصوم عندهم إذا أطاعوا نوابه، مع أن نوابه قد يكونون من أهل النار، لاسيما ونواب المعصوم عندهم لا يُعلم أنهم يأمرون بما يأمر به المعصوم، لعدم العلم بما يقوله معصومهم، وأما أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي معلومة؛ فمن أَمَرَ بها فقد عُلِمَ أنه وافقها، ومن أمر بخلافها علم أنه خالفها، وما خفي منها فاجتهد فيه نائبه، فهذا خير من طاعة نائب لمن تُدَّعى عصمته، ولا أحد يعلم بشيء مما أمر به هذا الغائب المنتظر؛ فضلاً عن العلم بكون نائبه موافقاً أو مخالفاً، فإن ادعوا أن النواب عالمون بأمر من قبله، فعلم علماء الأمة بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتم وأكمل من علم هؤلاء بقول من يدعون عصمته، ولو طولب أحدهم بنقل صحيح ثابت بما يقولونه عن علي أو عن غيره، لما وجدوا إلى ذلك سبيلا، وليس لهم من الإسناد والعلم بالرجال الناقلين ما لأهل السنة.

فائدة: لشيخ الإسلام كلام طويل حول هذه المسائل، خاصةً أن أصل بعضها الكلام في حكم القاضي ويدخل في عموم كلامه ولي الأمر، وهي:

1 – في (35/ 357 – 388) من مجموع الفتاوى رسالة بعنوان: فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه، وما لم يجعل لواحدٍ من المخلوقين الحكم فيه ...

2 – في (27/ 214) من مجموع الفتاوى وذلك في سياق ردِّه على معارضة بعض القضاة على فتوى شيخ الإسلام – رحمه الله – في المنع من السفر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وقد أمروا بحبسه وزجره ومنعه من الإفتاء!

3 – رسالة في أول المجلد الخامس من الفتاوى الكبرى، وهي المطبوعة باسم: التسعينية.

وقد نقلت من هذه الرسائل بعض النتف في هذا البحث، ولطولها تركتُ نقلها كاملة؛ فراجعها – إن شئت –.

9 – وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: " ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله " (4/ 106): أي: لا نتبعه في تحليل شيءٍ أو تحريمه إلا فيما حلله الله – تعالى –، وهو نظير قوله – تعالى –: " اتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله " [التوبة 31] معناه: أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم و تحليلهم لما لم يحرمه الله ... وفيه ردٌّ على الروافض الذين يقولون: يجب قبول الإمام دون إبانة مستند شرعي، وأنه يحل ما حرَّمه الله من غير أن يبين مستنداً من الشريعة. اهـ.

ويمكن من خلال استعراض كلام أهل العلم القائلين بعدم جواز إلزام الحاكم الناس بقولٍ من الأقوال إلى أنَّ هذا مشروطٌ بشروطٍ أوضحوها في تضاعيف كلامهم.


(1) زيادة لا يتم الكلام إلا بها، وهي مثبتة في مجموع الفتاوى المصرية (5/ 14).

(2) كذا المثبت في المطبوع، وقد ذكر المحقق في الحاشية أن النسخ (أ، ب، ص، ر): والحكم.

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 08 - 06, 01:07 ص]ـ
القول الثاني: جواز إلزام الحاكم في الأمور العامة بما ظهر له.
وبين القائلين بهذا القول بعض الاختلاف؛ فلذا ينبغي تحرير محل النزاع بينهم؛
فقد اتفقوا أنَّ غير باب العبادات وما يتعلق بها يدخله الإلزام من ولي الأمر بما تبيَّن له،
واختلفوا في باب العبادات، وأسبابها، وشروطها، وموانعها على قولين:
القول الأول: أنَّ باب العبادات، وأسبابها، وشروطها، وموانعها لا يدخله الحكم البتة؛ إلا إن كان هناك صورة مشاقة للسلطان، وأُبَهة الولاية، وإظهار العناد والمخالفة، فيمتثل أمره = لا لأنه موطن خلافٍ اتصل به حكم حاكم؛ بل درءً للفتنة، واختلاف الكلمة؛ وهذا ما قرره القرافي في القاعدة الرابعة والعشرون بعد المائتين (2/ 94).
القول الثاني: أنَّ حكم الحاكم ملزم في باب العبادات؛ وهذا ما يظهر من تعليقات ابن الشاط على فروق القرافي، ولعل – ولا أستطيع الجزم بذلك الآن – هذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – حيث قال في مجموع الفتاوى (19/ 41) في مسألة الرؤية هل تلزم جميع البلاد أم لا؟
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير