2) الربِيبَة إذا دخل الرجل بأمها: والربيبة (فَعِيلَةٌ) بمعنى (مَفعُولَةٌ)، وهي بنت الزوجة من آخر، وسميت بذلك لأن الزوج يربُّها كما يربُّ ابنه، فيحرم على الرجل نكاحها -وجميع فروعها- بشرط أن يدخل بأمِّها، ولا يشترط أن تكون الربيبة في حجر الزوج، لأن قوله تعالى: ?وَرَبَائِبُكُم اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم? خطاب خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، وفائدته تقوية العلة وتكميلها، وليس فيه معنى الشرط، وهذا مذهب الأئمة الأربعة ()، وذهب بعضهم إلى أنه يشترط كون الربيبة في حجر الزوج، وهو المروي عن علي () وإليه ذهب الظاهرية () تمسكاً بظاهر النص. قال ابن المنذر: "وقد أجمع علماء الأمصار على خلاف هذا القول" ().
فائدة: ذكر بعض الفقهاء أنَّ الحكمة في اشتراط الدخول بالزوجة في تحريم ابنتها دون تحريم أمها؛ هو كون الرجل يُبتَلى في العادة بمعاملة أم الزوجة عقب العقد، لأنها ترتب أمر ابنتها، فحرمت بمجرد العقد ليتمكن من الخلوة بها لذلك، بخلاف البنت فإنه لا يتعامل معها عقب العقد. ()
3) حليلة الابن: حليلة: (فَعِيلَة) ِبمعنى (فاعلة) وحليلة الرجل: امرأته وهو حليلها، لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ صاحبه ()، فيحرم على الرجل أزواج أبنائه- سواء كانوا أبنائه من نسب أو رضاعة - وكذلك أزواج أبناء أبنائه.
وذكر أبناء الصلب في قوله تعالى: ?وَحَلائِلُ أبنَائِكُم الَّذِينَ مِن أصلَابِكُم? ليسقط أبناء التبني، ويذهب اعتراض المعترض على زواج النبي ? من زينب، التي كانت زوجاً لزيد، وكان زيد يدعى للنبي ?، وليس في هذا الآية نفيٌ لحرمة أزواج أولاد الرضاعة ().
4) زوجة الأب: سواء كان الأب قريباً أو بعيداً، من نسب أو رضاع.
وأما النِّساءُ اللواتي لم يتفق العلماء على تحريمهنَّ:
1) المُلَاعِنَة: (مُفَاعِلَة) من اللعن وهو الطرد والإبعاد، سُمي اللِّعان لعاناً لأن كل من الزوجين يلعن نفسه أو صاحبه، ولما يلحقه من الإبعاد والإثم.
والمرأة التي لاعنها زوجها بالطريقة الشرعية، جمهور السلف () قالوا بأنها لا تعود للرجل أبداً، لأن التلاعن يقتضي التباعد فإذا حصلا متباعدين لم يجز لهما أن يجتمعا أبداً، ودليل ذلك أن النبي ? قال للمتلاعن:" لاَ سَبِيلَ لكَ عَلَيهَا" ()، قال ابن عبد البر: "وفي قوله هذا إعلام أن الفرقة تقع باللعان وأنَّ السبيل عنها مرتفعة لأن قوله: "لاَ سَبِيلَ لكَ عَلَيهَا "مطلقٌ غيرُ مقيدٍ بشيء" (). وهذا مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد () وغيرهم.
وقال أبو حنيفة ومحمد () وغيرهم: إذا أكذب الملاعن نفسه فله أن يراجعها إذا جُلِد الحد، لأن التفريق بينهما والحرمة للتحرز عن تكرار اللعان، وقد زال ذلك المعنى حين صار إلى حال لا يتلاعنان فيه أبداً ().
2) المنكوحة في العدة: المنكوحة (مَفعُولَةٌ) من النكاح وهو الوطء، والعدة: هي الأيام التي بانقضائها يحل للمرأة الزواج.
وقد اختلفوا في حكمها - مع اتفاقهم على تحريم النكاح في العدة -؛ فالجمهور على أنَّ المنكوحة في العدة لا تَحرُم على ناكحها، لأن الله تعالى لم يذكرها في المحرمات، وذهب الإمام مالك وغيره () إلى أنها تحرم عليه تحريماً مؤبداً، واستدلوا بقول عمر ?: " أَيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ في عِدَّتِهَا فإنْ كانَ زوجُهَا الذي تزَوَّجَهَا لم يدْخلْ بها فُرَّقَ بينهُمَا، ثم اعتدَّتْ بقيةَ عِدَّتِهَا مِنْ زوجِهَا الأولِ، ثم كان الآخرُ خاطباً مِنَ الخُطَّابِ، وإنْ كانَ قد دخل بها فرَّقَ الحاكمُ بينهما ثم اعتدَّتْ بقيةَ عِدَّتِهَا مِنْ الأولِ، ثم اعتدَّتْ مِنْ الآخرِ، ثم لم يَجُزْ للثاني أنْ يَنْكِحَها أبداً " ().
قالوا: ومأخذ هذا؛ أنَّ الزوج لما استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، فحرمت عليه على التأبيد كالقاتل يحرم الميراث.
وأجاب العلماء على قول عمر بأنه رجع عنه ()، أما قولهم أنه (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه)، فهذه العبارة - إن كانت صحيحة - فليست مُطَّردة، بل إن الصور الخارجة عنها أكثر من الداخلة فيها، بل في الحقيقة لم يدخل فيها غير حرمان القاتل الإرث ().
¥