تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - ومن الأدلة ما ذكره ابن القيم في الطرق الحكمية حيث قال: ولم تزل الأئمة والخلفاء يحكمون بالقطع إذا وجد المال المسروق مع المتهم، وهذه القرينة أقوى من البينة والإقرار، فإنهما خبران يتطرق إليهما الصدق والكذب، ووجود المال معه نص صريح لا يتطرق إليه شبهة.

القول الثاني: أن الحدود لا تثبت بالقرائن بل لا بد من الاعتراف أو الشهود، وبه قال الحنفية والشافعية وهو قول عند الحنابلة. وأدلتهم:

1 - قالوا: وإنما استثني العمل بالقرائن في الحدود لحديث ابن عباس مرفوعا:" لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت فلانة فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيأتها ومن يدخل عليها".

2 - ولأن الحدود تدرأ بالشبهات.

3 - وهي خالص حق الله تعالى وحقوق الله مبنية على المسامحة.

4 - وما رواه طارق بن شهاب قال: بلغ عمر بن الخطاب أن امرأة متعبدة حملت، فقال: أراها قامت من الليل تصلي فخشعت فسجدت، فأتاها غاوٍ من الغواء فتجثمها فأتته فحدثته بذلك فخلى سبيلها.

5 - وفي قصة رواها النزال بن سبرة في امرأة حملت بعد أن اعتدي عليها وهي نائمة وفيه أن عمر كتب في الآفاق:" ألا تقتلوا أحدا إلا بإذني".

6 - أنه يتصور حمل بلا زنا يبيح الحد، كما في حال الإكراه، وكما إذا تحملت ماء رجل وقد حدثت فعلا خصوصا مع وجود بنوك المني في البلاد الغربية وغيرها.

7 - أنه قد توجد المسروقات لدى بريء كما في قوله تعالى:" فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون" (يوسف: 69).

8 - وأما الخمر فيحتمل الخطأ في شربه والإكراه أو الاضطرار، فلا يحكم بالحد بمجرد الرائحة أو القيء. لأنه قد يكون معذورا لاختلاف أسماء الخمر أو الجهل بإسكاره والله أعلم. بل قد تشبه بعض السموم الخمر في الرائحة فليست دليلا على السكر.

والراجح والله أعلم أن للجرائم أحوال:

الحال الأولى: أن يكون الحد خالص حق الله تعالى، كالزنا، فالحكم فيه أن تستخدم القرائن وسيلة للضغط على المتهم ليقر ويعترف فإن لم يعترف بالجرم فلا يقام عليه الحد إلا بالاعتراف أو الشهود، لتشوف الشارع إلى الستر كما في قصة ماعز المشهورة والله أعلم.

الحال الثانية: أن يكون للجرم أثرا في فعل جرائم أخرى كقيادة السيارة في حال السكر. فالصواب في مثل هذه الحالة الأخذ بالقرائن القوية والله أعلم، ردعا للمتساهلين، ومنعا للجرائم الناتجة عن السكر.

الحال الثالثة: أن يكون الحد حقا للمتضرر وذلك في حالة القذف، فالراجح في هذه الحالة أن يؤخذ بالقرائن القوية.

المسألة الثانية: إمكان إثبات الحدود بالعلم الحديث

يمكن إثبات السكر بالفحص المخبري للدم، وفي بريطانيا يستعمل جهاز يوضع على الأنف لمعرفة السكر في حالة وقوع الحوادث.

كما يمكن إثبات القذف باستخدام بصمة الصوت وذلك في حالة ما إذا استخدمت أجهزة التسجيل المتطورة، ويوجد جهاز اسمه جهاز " أوروس" يمكن به تمييز الأصوات والتعرف عليها آليا، وبالتجربة فإن نسبة الخطأ في نتائج هذا الجهاز لا تجاوز 1%. كما يمكن إثبات حد الردة وإثبات نشر المبادئ الهدامة بذلك، والله أعلم.

المطلب الرابع: إثبات القصاص بالقرائن

المسألة الأولى: هل يثبت القصاص بالقرائن

اختلف أهل العلم على قولين:

الأول: أن القصاص يثبت بالقرائن، وهو قول ابن تيمية وابن القيم وابن فرحون ونصت عليه مجلة الأحكام العدلية. كما لو ظهر إنسان من دار، ومعه سكّين في يديه، وهو متلوّث بالدّماء، سريع الحركة، عليه أثر الخوف، فدخل إنسان أو جمع من النّاس في ذلك الوقت، فوجدوا بها شخصاً مذبوحاً لذلك الحين، وهو متضمّخ بدمائه، ولم يكن في الدّار غير ذلك الرّجل الّذي وجد على الصّفة المذكورة، وهو خارج من الدّار، فإنّه يؤخذ به، إذ لا يشكّ أحد في أنّه قاتله واحتمال أنّه ذبح نفسه، أو أنّ غير ذلك الرّجل قتله ثمّ تسوّر الحائط وهرب، ونحو ذلك، فهو احتمال بعيد لا يلتفت إليه، إذ لم ينشأ عن دليل. وقال ابن القيم: وهل يشك أحد رأى قتيلا يتشحط في دمه، وآخر قائما على رأسه بالسكين: أنه قتله؟ ولا سيما إذا عرف بعداوته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير