تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما تسمية بيع الصابون بهذا الاسم فلا أعرف أحداً من الفقهاء ذكره بهذا الاسم فهم يذكرون أسماء بيوع منهي عنها، أو مختلف فيها، كبيع المصحف مثلاً هل هو جائز أم غير جائز، أو بيع الأصنام، والتماثيل أو بيع الكلب، ونحو ذلك مما جاءت نصوص السنة بالنهي عنه.

المسألة الثالثة:

ما ضوابط بيع التورق؟

قبل أن نبين ضوابط هذا النوع من البيوع من الضروري بيان معناه وذلك لأن هذا النوع من البيوع لم يسمه بهذا الاسم أعني (التورق) إلا فقهاء الحنابلة أما غيرهم فقد جعلوه في المسائل المتعلقة ببيع العينة وأدرجوه فيها، ولم يفرده باسماً خاصاً إلا الحنابلة كما ذكرنا.

فنقول بيع التورق في اصطلاح الفقهاء هو: أن يشتري سلعة نسيئة (أي بأجل)

ثم يبيعها نقداً – لغير البائع- بأقل مما اشتراها به ليحصل بذلك على النقد.

أما حكم هذه المسألة فقد اختلف فيها الفقهاء، فجمهور أهل العلم على أنها جائزة، وعللوا ذلك بأن المشتري للسلعة يكون غرضه منها إما عينها، وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح، وعللوا أيضا بأنه نوع من البيوع التي لم يظهر فيها قصد الربا وصورته، ولهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية بجوازه (3) وهذا هو الصحيح.

أما القول الثاني فهو القول بتحريمه (التورق) وهو رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا ابن القيم، وانتصر لها بقوة وعللوا ذلك بأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخول السلعة بينها للتحليل وتحليل المحرم بالمسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً لقوله صلى الله عليه وسلم "وإنما لكل امرئ ما نوى" (4).

الصحيح القول بجواز هذا النوع من البيوع نظراً لحاجة الناس وقلة من يقرضهم.

أما عن الضوابط الشرعية لمسألة التورق فقد ذكر بعض أهل العلم شروطاً لجوازها، منها:

(1) كون المشتري محتاجاً للدراهم فإن لم يكن محتاجاً لها فلا يجوز.

(2) أن لا يتمكن المحتاج من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة غير هذه الطريقة كالقرض، أو السلم مثلاً، فإن كان يمكنه الحصول على حاجته بدون التورق لم يجز له ذلك.

(3) أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا كأن يقول له بعتك هذه السلعة العشرة أحد عشر، فهذا كأنه دراهم بدراهم فلا يصح.

أما الطريقة الصحيح في ذلك أن يقول له بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة مثلا.

(4) أن لا يبيعها المشتري إلا بعد قبضها وحيازتها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم حيث نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم (5).

(5) أن لا يبيعها المشتري على من اشتراها منه بأقل مما اشتراها منه بأي حال من الأحوال لأن هذا هو بيع العينة الذي جاءت نصوص الشريعة بتحريمه.

فهذه جملة من الضوابط التي ذكرها بعض أهل العلم لجواز بيع التورق.

وقد رجح شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- جواز هذا النوع من البيوع وقد سألته عام 1400هـ أثناء بحثي لهذه المسألة في رسالة الدكتوراه- البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق- فقال ياولدي إذا أحسن من يوسع على الناس النية، ولم يأخذ ربحاً كثيراً فهو مأجور إن شاء الله. أما شيخنا الشيخ محمد العثيمين فقد تشدد فيها ومنعها إلا بضوابطها الشرعية.

المسألة الرابعة:

صفة البيع السائدة:

أن يذهب شخص إلى أحد محلات بيع الجملة فيشتري كمية من الصابون بمبلغ (500) ريال مثلاً ويحجزها في زاوية من زوايا المحل، ثم يأخذ فاتورة بها، ثم يأتي شخص آخر ويشتري منه كمية الصابون بمبلغ (800) ريال مثلاً مؤجلة أو على أقساط شهرية. ثم يذهب بالفاتورة إلى محل الجملة ويبيعها عليهم أو على غيرهم.

فما حكم هذه الصورة من البيع؟

الجواب:

قبل أن نبين حكم هذه الصورة من البيوع نذكر هنا باختصار الشروط المعتبرة شرعا في البيع ليكون صحيحاً ومن خلالها يمكن للسائل معرفة حكم هذه الصورة المذكورة.

فنقول أولاً من شروط البيع:

1. كون البيع عن تراض بين الطرفين؛ لقوله تعالى:"إلا أن تكون تجارة عن تراض" (6) ولقوله صلى الله عليه وسلم "إنما البيع عن تراض" (7).

فمتى أكره الإنسان على بيع شيء فإن البيع لا يكون صحيحاً إلا أن يكون الإكراه بحق، فالبيع يكون صحيحاً كمن كان مديناً وطالبه الغرماء بالسداد وعنده سلع فهنا يجبره القاضي على البيع لسداد دين الغرماء.

2. كون العاقدين يجوز تصرفهما وهما ممن اجتمعت فيه ثلاثة شروط:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير