وقد سبق عَن عمر، أنَّهُ قالَ: لا أوتى بأحد فعله إلا أنهكته عقوبة.
وقد روي عَنهُ مِن وجه آخر، رواه ابن أبي شيبة، عَن ابن إدريس، عَن
الشيباني، عَن بكير بنِ الأخنس، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: قالَ عمر: لا أوتي برجل فعله -يعني: جامع ولم يغتسل؛ يعني: وَهوَ لَم ينزل- إلا أنهكته عقوبة.
وخرجه إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في ((كِتابِ الطهور)) عَن أسباط بن محمد، عَن الشيباني بهِ.
وفي رواية أن سعيد بنِ المسيب قالَ: سمعت عمر بنِ الخطاب على المنبر يقول: لا أجد أحداً جامع امرأته ولم يغتسل، أنزل أو لَم ينْزل، إلا عاقبته.
وقد قالَ عمر هَذا بمحضر مِن المهاجرين والأنصار، ولم يخالف فيهِ أحد.
والظاهر: أن جميع مِن كانَ يخالف فيهِ مِن الأنصار رجع عَنهُ، ورأسهم: أبي بنِ كعب، وزيد بنِ ثابت، ومِن المهاجرين عثمان بنِ عفان.
وفي رجوع أبي بنِ كعب وعثمان بنِ عفان معَ سماعها مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ذَلِكَ: دليل على أنَّهُ ظهر لهما أن ما سمعاه زال حكمه، واستقر العمل على غيره.
وعامة مِن روي عَنهُ: ((إن الماء مِن الماء)) روي عَنهُ خلاف ذَلِكَ، والغسل مِن التقاء الختانين، مِنهُم: عثمان، وعلي، سعد بنِ أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بنِ ثابت، وأبي بنِ كعب، ورافع بنِ خديج.
وهذا يدل على رجوعهم عما قالوه في ذَلِكَ؛ فإن القول بنسخ ((الماء مِن الماء)) مشهور بين العلماء، ولم يقل أحد مِنهُم بالعكس.
وقد روت عائشة وأبو هريرة عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - الغسل بالتقاء الختانين.
وقد روى ذَلِكَ -أيضاً- مِن رواية عبد الله بنِ عمرو، ورافع بنِ خديج، ومعاذ بنِ جبل، وابن عمر، وأبي أمامة وغيرهم، إلا أن في أسانيدها ضعفاً.
وفي حديث رافع التصريح بنسخ الرخصة -أيضاً.
اعلم؛ أن هَذا الضعف إنما هوَ في الطرق التي وصلت إلينا منها هَذهِ الأخبار، فأما المجمع الذِي جمع عمر فيهِ المهاجرين والأنصار، ورجع فيهِ أعيان مِن كانَ سمع مِن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الرخصة، فأنهم لَم يرجعوا إلا لأمرٍ ظهر لَهُم في ذَلِكَ الجمع وبعده، وعلموه وتيقنوه، وإن كانت تفاصيله لَم تنقل إلينا، واستقر مِن حينئذ العمل على الغسل مِن التقاء الختانين، ولم يصح عَن أحد مِن الصحابة بعد ذَلِكَ إظهار الفتيا بخلافه، فوجب اتباع سبيل المؤمنين، والأخذ بما جمع عليهِ الأمة أمير المؤمنين، والرجوع إلى مِن رجعت إليه الصحابة في العلم بهذه المسألة،وهي أم المؤمنين.
والمخالف يشغب بذكر الأحاديث التي رجع عنها رواتها، ويقول: هي صحيحة الأسانيد، وربما يقول: هي أصح إسناداً مِن الأحاديث المخالفة لها.
ومن هنا: كره طوائف مِن العلماء ذكر مثل هَذهِ الأحاديث والتحديث بها؛ لأنها تورث الشبهة في نفوس كثير مِن الناس.
وخرج الإسماعيلي في ((صحيحه)) مِن حديث زيد بنِ أخزم، قالَ: سمعت يحيى -يعني: القطان- وسئل عَن حديث هشام بنِ عروة: حديث أبي أيوب: ((الماء مِن الماء))؟ - فقالَ: نهاني عَنهُ عبد الرحمن - يعني: ابن مهدي.
ولهذا المعنى - والله أعلم- لَم يخرج مالك في ((الموطإ)) شيئأً مِن هَذهِ الأحاديث، وهي أسانيد حجازية على شرطه.
والمقصود بهذا: أن المسائل التي اجتمعت كلمة المسلمين عليها مِن زمن الصحابة، وقل المخالف فيها وندر، ولم يجسر على إظهارها لإنكار المسلمين عليهِ، [كلها] يجب على المؤمن الأخذ بما اتفق المسلمون على العمل بهِ ظاهراً؛ فإن هَذهِ الأمة لا يظهر أهل باطلها على أهل حقها، كَما أنها لا تجتمع على ضلالة، كَما روي ذَلِكَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه أبو داود وغيره.
فهذه المسائل قَد كفى المسلم أمرها، ولم يبق فيها إلا اتباع ما جمع عليهِ الخلفاء الراشدون أولي العلم والعدل والكمال، دونَ الاشتغال فيها بالبحث والجدال وكثرة القيل والقال؛ فإن هَذا كله لَم يكن يخفى عمن سلف، ولا يظن ذَلِكَ بهم سوى أهل الجهل والضلال.
والله المسئول العصمة والتوفيق.
* * *
ـ[جمعة الشوان]ــــــــ[14 - 09 - 06, 10:55 ص]ـ
الأخ خالد بن عمر
أنت لو كنت قرأت مشاركاتي السابقة جيدا لوجدت رد لكثير مما جئت به
¥