أترضى أن يكون المسلم الملتزم لا يعي العالم من حوله ومحصور في صومعته وفي كتبه؟؟
الإعلام دخل البيوت شئت أم أبيت أترضى ان يسيطر عليه الفسقه والعلمانيين أم الإسلاميين؟؟
لماذا لا يكون هناك ضابط بعدم النظر للنساء المتبرجات مثلاً؟ والعلماء فرقوا بين السماع والإستماع!!
تأمل كلامي أعلاه رحمك الله!
ـ[أبو شهيد]ــــــــ[11 - 03 - 09, 04:38 م]ـ
وأنقل لك هنا أخي فتوى هامه فأنصحك بقرائتها فهي دقيقة ومجيبة على إشكالك:
ينبغي التفريق بين المحرم لذاته كالخمر والموسيقى وقول الزور والوسيلة إليه، فإنه ليست كل وسيلة إلى الحرام تكون حراماً بالضرورة.
قال القرافي في الفروق (الفرق 58) تنبيه: قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة كدفع مال لرجل يأكله حراماً حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه عنها إلا بذلك).
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 137): (وما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل ... وكما أبيح النظر ـ أي إلى المرأة ـ للخاطب والشاهد والطبيب).
ومن هنا فإن وسائل الإعلام والاتصال هي من هذا الباب، بل هي مباحة في أصلها، بدليل أنه لو ملكها أهل الحق واستعملوها في نشر الحق لم يكن في جوازها شبهة.
وتكون كالمنابر أو المنتديات التي تتخذ وسيلة للحوار والتبليغ.
وإذا كانت تتخذ وسيلة لإثارة الشبهات والشهوات فلا يمنع ذوي الفضل أن يزاحموا أهلها ويلجئوهم إلى نشر الحق كله أو بعضه بحسب الإمكان.
وهب أن ناديا ثقافيا أو منتدى يقصده جمهور الناس، وقد شرعت أبواب منصته لكل متقدم سباق، وكان أكثر السباقين من أهل الباطل، فهلا تكون مشاركة ذوي الفضل والدعوة مطلوبة عندئذ؟
بلى، والظاهر أن تلك الوسائل لا يوجد بينها وبين هذه المنتديات كبير فرق.
ولعل مما يشهد لأصل هذا القياس ما هو مشهور في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من حضوره مواسم أهل الجاهلية وأسواقهم بهدف الدعوة.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة، وفي المواسم بمنى يقول: (من يؤيدني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي؟ وله الجنة) رواه أحمد في المسند 3/ 322
وعن ربيعة الديلي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: (يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا) سنده حسن.
ومعروف أن عكاظ ومجنة وذا المجاز كانت أسواقاً في الجاهلية يجتمع فيها العرب فيتناشدون ويتفاخرون وقد يتنافرون ويتدابرون.
(2) ومعروف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخالط المشركين واليهود والنصارى بغرض الدعوة، وكان ربما جلس إليه بعض المشركين أو اليهود وتحاورا معه، وقرأ عليهم القرآن.
والأدلة على ذلك متواترة.
ومنها ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه ارتدف مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ذاهبين لعيادة سعد بن عبادة وكان مريضاً فمر النبي صلى الله عليه وسلم بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول، وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وقف ونزل من دابته، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن (وذلك في قصة مطولة، أخرجها البخاري في صحيحه في تفسير سورة آل عمران الباب 14).
وإذا كانت مخالطة المشركين جائزة مع ما يصاحبها أحياناً من رد للحق وسخرية منه فإن تقصُّدَ تلك الوسائل (الإعلامية) لاتخاذها منبراً للجهر بالحق، لا يختلف كثيراً عن مخالطة الكافر ومجادلته، من حيث وجود المخالف، والرأي المغاير في كل.
(3) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف لومة لائم. متفق عليه.
فقوله: " حيثما " ظرف مكان، أي: في أي مكان كنا، ورواية مسلم: أينما كنا. وهما بمعنى.
قال النووي: قوله: وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف لومة لائم. معناه نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نداهن فيه أحداً ولا نخافه. شرح النووي 12/ 230
فإذا كان مطلوباً من المسلم أن يقول كلمة الحق أينما كان فإن من جملة ظرف المكان وسائل الإعلام والاتصال أينما كانت.
(4) وإذا احتكمنا إلى قاعدة المصالح والمفاسد، فإن الإسهام والمشاركة في هذه الوسائل تفوق مصالحه على مفاسده بدرجة واضحة، وذلك من وجوه:
أ- أن جمهور هذه الوسائل المتلقين لها لا يكاد يحصى سواء من المسلمين أو غيرهم، من ذكور وإناث، ومن مختلف المستويات الثقافية، ولقد يسمع بعضهم كلمة حق فيصغي لها، ويتأثر بها فهي إذن فرصة سانحة للتبليغ.
ب - وليس كل هذا الجمهور سيئاً، أو عزوفاً عن سماع الحق، بل لأن هذه الوسائل قد دخلت معظم البيوت، وفرضت نفسها على الناس، ووجد فيها أكثر الناس كل أسباب الدعاية والترويج، فانساقوا معها، ولو وجدت وسائل إصلاح نشطة وقوية لفعلت الفعل نفسه.
ج - وإذا كان يوجد شيء من وسائل الإصلاح في بعض بلاد المسلمين فإنه لم تجتمع فيه مقومات الجاذبية والتأثير، ولذلك يبقى أصحابها بها محدودي العدد.
أما الأكثرية الساحقة فهي مشدودة مع الفضائيات، حتى ربما استوحش بعضهم من تلك الوسائل الإصلاحية باعتبارها تخاطب المتدينين، وهو لا يعد نفسه منهم.
والظاهر أن مسؤولية التبليغ المناطة بأهل العلم والفكر تقتضي سلوك كل طريق ممكن ومتاح؛ لتبليغ الدعوة لأولئك الأجناس من البشر للخروج من التبعة. (ينظر الموسوعة الفقهية 20/ 332)
¥