تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن ماجة (1289) حدثنا يحيى بن حكيم ثنا أبو بحر ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ثنا إسماعيل بن مسلم الخولاني ثنا أبو الزبير عن جابر قال خرج رسول الله ? يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام.

وقال ابن حجر في الدراية:» وهذا يرد قول النووي إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء وإنما عمل فيه بالقياس على الجمعة «(25).

المناقشة:

وهذا الحديث لا يحتج به لضعفه، قال في مصباح الزجاجة:» هذا إسناد فيه إسماعيل بن مسلم وقد أجمعوا على ضعفه وأبو بحر ضعيف «(26).

الدليل الرابع: الإجماع

قال ابن حزم:» فإذا سلم الإمام قام فخطب الناس خطبتين يجلس بينهما جلسة فإذا أتمهما افترق الناس، فإن خطب قبل الصلاة فليست خطبة ولا يجب الإنصات له كل هذا لا خلاف فيه إلا في مواضع نذكرها إن شاء الله تعالى «(27). ولم يشر إلى خلاف في الخطبة هل هي واحدة أم اثنتين فعلم أنه أمر لا خلاف فيه عنده. ويؤكده أنه لم ينقل عن واحد من السلف أنه رأى خلاف هذا الرأي، وعلى المخالف إثباته.

المناقشة:

الوجه الأول: أن الخلاف ثابت إن شاء الله وهو محكي عن أبي بكر وعمر وعثمان حكاه عنهم عطاء كما سبق، فإن لم يكن ثابتا عنهم فهو ثابت عن عطاء بن أبي رباح.

الوجه الثاني: أن كل من ثبت عنه أنه خطب على راحلته فقد خطب خطبة واحدة في الظاهر، لأنه لا يتصور أنه يتكلف القيام على ظهرها (28).

الوجه الثالث: أن من عادته نقل الإجماع لم ينقله في هذا الموضع، الشافعي وابن المنذر في كتاب الإجماع وابن حزم في مراتب الإجماع وغيرهم، وأما عبارة المحلى فمحتملة وغير صريحة.

الدليل الخامس: القياس على الجمعة

قد سبق هذا في كلام النووي رحمه الله تعالى، وأول من نص عليه الشافعي إذ قال:» ويخطب خطبتين بينهما جلوس كما يصنع في الجمعة «(29).

وقال البيهقي:» باب جلوس الإمام حين يطلع على المنبر ثم قيامه، وخطبته خطبتين بينهما جلسة خفيفة قياسا على خطبتي الجمعة، وقد مضت الأخبار الثابتة فيها «(30). قال الصنعاني:» وليس فيه أنها خطبتان كالجمعة وأنه يقعد بينهما ولعله لم يثبت ذلك من فعله ? وإنما صنعه الناس قياسا على الجمعة «(31).

المناقشة:

الوجه الأول: أنه قياس في أمر تعبدي محض، فإننا لو سألنا عن وجه القياس لما تمكن القائسون من ذكر علة معقولة يجرى بها القياس اللهم إلا التشبيه، وليس كل أمرين اشتبها اشتركا في الأحكام.

الوجه الثاني: أنه يلزم من قاس خطبة العيد على الجمعة أن يجعلها قبل الصلاة أيضا، وأن يصليها بعد الزوال، وأن يوجب حضورها على الناس، وإن قال قد فرق النص والإجماع بينهما في هذه الأمور، قيل كثرة الفروق تمنع القياس والله أعلم.

الوجه الثالث: أنه إن صح القياس فإننا نقيسها على خطبة الاستسقاء والكسوف، وهو خلاف ما رآه الشافعي حيث جعل خطبة الاستسقاء والكسوف كخطبة الجمعة، والواقع أن هذه أصول بنفسها لا تقاس على غيرها، ولعله لم يثبت لديه أنها خطبة واحدة لذلك قاسها على الجمعة والله أعلم.

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[12 - 09 - 06, 06:47 م]ـ

الترجيح

من خلال عرض أدلة المذهبين وإيراد ما أمكن من إيرادات عليها، يظهر لي والله أعلم بالصواب، أن قول من ذهب إلى أنها خطبة واحدة أقرب إلى الصواب وذلك للاعتبارات الآتية:

أولا: اعتماد ظاهر النصوص من أنها خطبة واحدة، وما قيل من أنها تحتمل أن يكون المراد بالخطبة خطبتين كخطبة الجمعة، فهو مجرد احتمال مخالف للأصل لم يأت ما يرجحه بخلاف خطبة الجمعة.

ثانيا: أن ما ثبت عن النبي ? من أنه خطب على الراحلة دليل واضح في كونه خطب خطبة واحدة، وما قيل من أنه يحتمل أنه خطب قائما على الراحلة فاحتمال بعيد، وأبعد منه القول بأنه خطب على الأرض، بل هذا إن كان محتملا في بعض الروايات فهو غير مقبول في روايات أخرى، والقول بأنه ? فعل ذلك أحيانا لا يقدح في المطلوب.

ثالثا: ما علم من السنة من أداء الصلاة في المصلى وأنه ? لم يكن يخرج منبرا، فهذا يقضي بأنه إما كان يخطب على الراحلة أو على الأرض وفي كلتا الحالتين لا يتصور جلوس، وإنما يكون الجلوس على المنبر.

رابعا: الاستناد إلى أثر عطاء الذي فيه أن خطبة العيد فيها تشهد واحد، لأننا إن سلمنا عدم اعتماده في النقل –لعلة الإرسال -، فهو معتمد قطعا في إثبات الخلاف في أصل المسألة.

خامسا: إن أكثر ما يتمسك به من رأى غير هذا الرأي أن يقول لم يعرف قائل بهذا القول من السلف، وقد تبين أنه قد قال به علي والمغيرة وغيرهم ممن كان يخطب على راحلته، ومن كان لا يخرج المنبر إلى المصلى، وهو قول عطاء أيضا.

سادسا: ولو كانت هذه المسألة مجمعا عليها لما تخلف الشافعي ومن بعده عن نقل الإجماع فيها، ولما تنزلوا إلى إثباته بأحاديث لا تثبت وبالقياس على الجمعة.

سابعا: أن قياس خطبة العيد على خطبة الجمعة قياس ضعيف، لمعارضته لظاهر النص فهو فاسد الاعتبار، وكذلك هو قياس على الفارق بل مع الفوارق، ولم يذكر معتمدوه وجه العلة ولا طريق تصحيحها، فالاعتماد في مثل هذا الأمر التعبدي المحض على القياس من أضعف ما يكون من الأقيسة.

خاتمة

هذا آخر ما أمكن تسطيره في هذه المسألة الفقهية، ولعل أهم نتيجة نكون قد وصلنا إليها إثبات الخلاف في المسألة، وبيان وجاهة القول الذي قل من جنح إليه من أهل العلم، وتوضيح مأخذ أهله، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يصلح ظواهرنا وبواطننا، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير