"و ممن ترجم لشيخ شيخنا سيدي أحمد رحمه الله على هذه الطريقة البائدة: الأستاذ الحسن بن علي الكتاني غفر الله له، حيث قال: و هو صوفي يؤمن بالخرافات من الكرامات المزعومة و ما لا يصدقه عقل. مع دفاعه عن القبورية و أصحابها و سائر مراسيمها من توسل و استغاثة و سائر مظاهر الشرك. فكيف يجرؤ هذا الكتاني على نسب الشرك إلى إمام من أئمة التوحيد في العصر الحديث؟، و كم كنت فرحًا بمجهوده في طبع كتاب "توجيه الأنظار" و هو من أنفس ما ألف الحافظ سيدي أحمد رحمه الله، لكن بعدما اقتنيت الكتاب و قرأت الترجمة تغيرت كثيرًا، وتغيظت لما قرأته عن سيدي ومولاي أحمد بن الصديق رحمه الله .. نعوذ بالله من الحرمان بعد العطاء، فما أقدم عليه الكتاني الشاب إلا تقليدا (كذا) لما ذهب إليه أعداء سيدي أحمد بن الصديق رحمه الله في المغرب".اه.
قال أبو محمد: هذا كلام المؤلف، وهو شديد في حقي، وما أظن شيخنا التليدي يرضى بهذا الكلام في حق حفيد شيخه الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني، وفي حق سجين لا حول له ولا قوة، ينتظر من ينصره من إخوانه العلماء، لا من يزيد الطين عليه بلة، ويكثر سواد العلمانيين عليه، بدل نصرته والوقوف معه.
وليس العيب في النقد، فمرحبا به، وأنا من أوسع الناس صدرا بذلك، إذا جاء عن بحث علمي منصف، لا عن تعصب مجحف.
إن المؤلف لم يرع فيّ أي حق من الحقوق ...
فلم يرعَ فيّ حق آل البيت، وأنا واحد منهم بحمد الله، فلم ينصفني البتة.
ولا رعى حق المشيخة، فأنا حفيد شيخ شيخه.
ولا رعى حالتي وما أنا فيه من الأسر والسجن، حتى إنه لم يدع الله تعالى لي بالفرج وفكاك الأسر. والكتاب طبع بعد سنتين من أسري.
كما أن المؤلف جانب الإنصاف تمام المجانبة، واجتزأ كلامي على طريقة {ويل للمصلين}.
لقد أخذت المؤلف الحمية على السيد أحمد مع أنه يزعم أنه بعيد عن التعصب لشيوخه وعن تقليدهم، وأنه يتبع الدليل ومعه يدور، ولكن الأمر كما رأيت.
ولي وقفات مع المؤلف ردا على تعديه علي، عفا الله عنه:
الوقفة الأولى: العلاقة التاريخية بين الكتانيين والصديقيين
اعلم، بارك الله فيك، أن العلامة المربي الشريف محمد بن الصديق، رحمه الله تعالى، والد الشرفاء العلماء الصديقيين، كان من خواص تلاميذ جدنا الإمام أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني رحمه الله تعالى، بل كان جدنا قد جعله نائبا عنه في التربية والسلوك لما هاجر للمشرق. وقد أخذ ابن الصديق أيضا عن جد جدنا من جهة الأم الإمام الشهيد أبي الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني.
ولما رجع ابن جعفر من حجته الأولى سنة 1321، ونزل في طنجة، خرج في استقباله ابن الصديق حاسر الرأس حافيا مع أصحابه، والسبح في أعناقهم.
ولما دعي لمؤتمر الخلافة سنة 1344هـ، لم يكن له هدف من حضوره إلا زيارة شيخه ابن جعفر في دمشق الشام. حسبما ذكره السيد أحمد في ترجمته.
وقد ورث هذه المحبة والتلمذة أبناؤه، فقد كان الحافظ أحمد بن محمد بن الصديق شديد الإجلال للإمام ابن جعفر، بل إنه جعله أجل شيوخه على الإطلاق بعد والده كما في "البحر العميق"، في غيره من مؤلفاته.
ولما توفي الإمام ابن جعفر بفاس سنة 1345هـ، بقيت علاقة المودة والمحبة بين أبنائه وأحفاده والإمام ابن الصديق، وجعله أحفاده بمنزلة والدهم في التربية والسلوك والتناصح.
فلما قرر الشرفاء الصديقيون الرحلة لدراسة العلم بمصر، صحبهم جدنا الإمام محمد المنتصر بالله، وسكن معهم أول الأمر، وتتلمذ على الشيخ أحمد وتأثر به كثيرا، لكنه خالفه في الأمور التي بنيت مؤاخذاتي فيها على الشيخ أحمد، فجعلتْ المؤلف يهاجمني.
كما أن الجد، رحمه الله تعالى، كان بينه وبين السيد محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق (المسمى على والده الشيخ محمد الزمزمي الكتاني) محبة خاصة، وعلاقة كبيرة، حتى إنه كان إذا زار طنجة نزل عليه، وليس معنى ذلك أنه كان يوافقه في كل أموره، بل قد كان الجد متأسفا للنزاع المشتعل بين الأشقاء الصديقيين. وقد قال لي مرة سنة 1405هـ، وأنا غلام مراهق، كثير السؤال له والاستفادة منه: "إن آل الصديق علماء كبار، لكنهم أفسدوا علمهم بتنازعهم مع بعضهم".
وكذلك تتلمذ على السيد أحمد عم والدنا العلامة المحدث أبو أسامة محمد الناصر لدين الله الكتاني وتأثر به.
¥