تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واختفى ذكر إنجيل برنابا قروناً طويلة حتى عثر الراهب الإيطالي فرامينو في أواخر القرن السادس عشر على نسخة منه في مكتبة البابا سكتس الخامس في الفاتيكان، فأخفاها وخرج بها ثم أسلم، وانقطع ذكر هذه النسخة.

وفي عام 1709م عثر كريمر أحد مستشاري ملك روسيا على النسخة الوحيدة الموجودة اليوم من إنجيل برنابا والتي استقرت عام 1738م في البلاط الملكي في فيينا، وتقع في 225 صحيفة سميكة مجلة بصحيفتين ومكتوبة بالإيطالية.

وقد ترجمت إلى العربية في مطلع هذا القرن على يد الأستاذ خليل سعادة، وقدم للترجمة بمقدمة نستعين بها في معرفة أصول هذه النسخة، وقد ذكر وجود ترجمة أسبانية تناقلها عدد من المستشرقين في أوائل القرن الثامن عشر، وانتهت إلى يد الدكتور هوايت الذي ذكر بأنها مترجمة عن نسخة البلاط الملكي الإيطالية، وأن مترجمها للأسبانية مسلم يدعى مصطفى العرندي، واختفت هذه النسخة عند الدكتور هوايت.

فمن هو كاتب نسخة البلاط الملكي الوحيدة؟ ومن هو كاتب الإنجيل؟

وصف المخطوطة الوحيدة للإنجيل

أما بخصوص النسخة الوحيدة فإنها كما يصفها خليل سعادة مجلدة بصحيفتين عليهما نقوش ذهبية .. ويرى المحققون أن ناسخ هذه المخطوطة من أهالي البندقية في القرن 15 - 16 أو أوائل القرن السابع عشر، وأنه أخذها من نسخة توسكانية أو بلغة النبدقية، وتطرقت إليها اصطلاحات توسكانية.

ويذهب الكاتبان " لو تسدال " و " لو راواغ " إلى أن النسخ تم عام 1575م تقريباً، وأنه من المحتمل أن يكون الناسخ فرامينو الراهب.

ويوجد على هوامش النسخة ألفاظ وجمل عربية بعضها صحيح العبارة وبعضها ركيك لا يتصور سعادة أن " يفعله كاتب عربي تحت الشمس ".

ويرجح سعادة أن الكاتب لهذه الهوامش واحد، وأنه عربي، وأن الناسخ بدل وغير في النسخة، فنتج هذا الاضطراب في العبارات العربية، ويجزم سعادة أن هذه النسخة نسخة منقولة عن أصل آخر لها.

موقف المسلمين من إنجيل برنابا وعلاقتهم بتأليفه

وبخصوص كاتب الإنجيل، أراد النصارى إلصاق هذا الإنجيل بالمسلمين، من غير أن يكون لديهم دليل واحد يثبت ذلك، أو يحدد اسم هذا المسلم الألمعي العارف باليهودية وكتبها.

وبعد قراءة سعادة للإنجيل رجح – من غير أن يقدم أدلة شافية - أن كاتبه " يهودي أندلسي اعتنق الدين الإسلامي بعد تنصره واطلاعه على أناجيل النصارى، وعندي (أي سعادة) أن هذا الحل هو أقرب إلى الصواب من غيره ".

واستند في زعمه إلى أمور:

1) أن للكاتب إلماماً عجيباً بأسفار العهد القديم " لاتكاد تجد له مثيلاً بين طوائف النصارى إلا في أفراد قليلين من الأخصائيين ... والمعروف أن كثيرين من يهود الأندلس كانوا يتضلعون بالعربية .. فيكون مثلهم في الاطلاع على القرآن والأحاديث النبوية ".

2) أن الإنجيل يؤكد على أهمية الختان وغيره من الأحكام التوراتية، وفيه من الكلام الجارح ما يستحيل صدوره من نصراني، كما يتضمن تقاليد تلمودية يتعذر على غير اليهودي معرفتها.

ويتضمن أيضاً أساطير وقصص عربية مما يتناقله العامة في البيئة العربية، فدل ذلك على أنه يعيش في البيئة العربية.

3) أن هذا الإنجيل يوافق القرآن والسنة في مواضع عدة أهمها إنكار ألوهية المسيح أو أنه ابن الله، وإنكار صلب المسيح، والقول بصلب يهوذا، وكذا يصرح الإنجيل ويؤكد على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق، ويذكر أن محمداً ? هو المسيا المنتظر في أكثر من موضع.

4) أن هذا الإنجيل يباين الأناجيل الأربعة بما فيه من أدب راقٍ ومسائل فلسفية وعلمية.

واستدل لذلك بما في الإنجيل من مباحث فلسفية تشبه فلسفة أرسطو طاليس التي كانت شائعة في القرون الوسطى، كما يحوي الإنجيل تشبيهات واستعارات أدبية تشبه ما نقل عن الشاعر دانتي في العصور الوسطى.

والنتيجة أن النصارى لا يعترفون بصحة نسبة الإنجيل لبرنابا، ويؤكدون أنه منحول، وأن كاتبه مسلم في القرون الوسطى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير