تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما دامت النصيحة واجبة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فإنني أحذرك أيها القارئ من قارئتها قبل أن تقرأ مبادئ الصوفية والردود عليهم، لا لغزارة علم فيها، وإنما لكثرة المغالطات والتأويلات وإيراد الأدلة على غير معانيها الصحيحة سواء كانت من القرآن الكريم، أو من السنة النبوية، فقد جاءت ردودهم من واقع الانفعال العصبي، ضد من كفرهم من بعض الدعاة وطلبة العلم في نيجيريا وغيرها، كما يذكرون، ولا ريب أن إعلان تكفيرهم وإخراجهم من الملة هم أو سائر الصوفية، حكماً عاماً دون تفصيل، لا ريب في قبح خطئه.

ومما أحب تنبيه طالب العلم إليه هو ما جاء في ردودهم من الأخطاء الفاحشة في تأويل صفات الله تعالى كما في الطريقة المعروفة عن نفاة الصفات؛ حيث جعلوها من المتشابهات ثم أكدوا أنهم يؤمنون بالمتشابهات من القرآن الكريم ومن السنة النبوية، ويطلبون لما ظاهره عدم موافقة الواقع تأويلاً؛ ليخلصوا بعد ذلك لأقطاب الصوفية – أيضاً – كلامهم يحمل ما كان منه مخالفاً للواقع أو فيه شطح على التأويل، مع حسن الظن بهم كيفما كان اعتقادهم، وهو طلب مردود؛ فإن الإنسان لا يعلم ما في نفسه إلا الله، وإنما يحكم عليه حسب ما يظهر من قوله أو فعله أو اعتقاده.

وهؤلاء أصحاب الشطح أظهروا كلمات كفرية، وفعلوا أفعالاً باطلة وتمدحوا بذلك كله، ولو جاز هذا المسلك لجاز أن نعتذر لمن لطم شخصاً أو لعنه، بأنه فعل ذلك من فرط حبه وتقديره له.

وأما بالنسبة لجواب التجانيين في مدينة "ألورن" عن بعض المبالغات في الطريقة التجانية- ومنها صلاة الفاتح – فقد أجابوا عن تقرير التجانيين، في أن صلاة الفاتح لما أغلق المرة الواحدة منها تعدل آلاف ختمة، بأن هذا من المتشابهات، ولعله أريد بذلك تفضيل الممكن على المستحيل؛ أي من حيث أنه يمكن أن يصلي بصلاة الفاتح في دقيقة واحدة، ويستحيل أن يقرأ ستة آلاف ختمة في دقيقة واحدة.

والغريب في هذا الجواب أن يتكلف له إلى هذا الحد بأن يقال: إنه من المتشابه، وكان الأسهل والأقوى في الجواب أنهم يقولون: هذا خطأ من التجاني وخروج عن الصواب لا أنهم يجعلونه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، فهو قول بشر، والبشر معرضون للخطأ والصواب، وأي حرج في أن يخطأ التجاني أو غيره، ومن المؤسف أن يقال: أخطأ عمر أو أخطأ ابن عباس أو ابن مسعود أو ابن عمر ثم لا تحصل هذه الجرأة أمام التجاني، ويقال له: أخطأت، فإن القرآن الكريم هو كتاب الله لا يعدله كلام البشر، مهما كانوا عليه من العلم أو الصلاح، ولكن التعصب ليس له عقل.

مع أن صلاة الفاتح هذه ليس فيها ذكر السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بل فيها ذكر الصلاة فقط، وهو نقص بلا شك في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، على ضوء قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (().

ونذكر للقارئ هنا جواب علماء "ألورن" من الصوفيين التجانيين، حيث قالوا: "فالجواب: على المسلم أن يصلي على النبي، وأن يسلم عليه مرة في عمره، ثم ما زاد فعلى الاستحباب، فلا يجب الجمع بينهما في زمان واحد".

وهذا رأى مرجوح وإن كان قد قال به جماعة من العلماء.

فإن الحق الذي تطمئن إليه النفس هو: أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم تجب في مواطن كثيرة وليس مرة واحدة ()، فإن هناك عشرات الأحاديث في الحث على الصلاة عليه في كل وقت وخصوصاً يوم الجمعة، والله تعالى في القرآن الكريم يطلب من المؤمنين أن يداوموا الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليّ"، فهل نترك الصلاة والسلام عليه في التشهد في الصلاة بحجة أنه لا يجب علينا السلام عليه إلا مرة واحدة في العمر؟

فجوابهم هذا سقيم مثل سقم جوهرة الكمال التي ورد فيها وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأسقم، ومع ذلك حاول كبراء الصوفية جاهدين إخراج ما جاء في هذه الصلاة من عثرات وجهل بصورة مقبولة، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، لأن في صلاة جوهرة الكمال أمور يقف عندها الشخص حائراً طالباً الدليل ملحاً عليه، منها:

1 - إيجابهم الوضوء لقراءتها كما في الهداية الربانية وجوهرة الكمال ورماح الفوتي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير