عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً.
أخرجه مسلم رقم (1006) 2/ 697.
قال النووي رحمه الله: وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات فالجماع يكون عبادة اذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو اعفاف نفسه أو اعفاف الزوجة ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة.
شرح النووي على صحيح مسلم ج7/ص92
قال ابن تيمية رحمه الله: إن المحرم تركه مقصود وأما الاشتغال بضد من أضداده فهو وسيلة فإذا قيل المباح واجب بمعنى وجوب الوسائل أي قد يتوسل به إلى فعل واجب وترك محرم فهذا حق ثم أن هذا يعتبر فيه القصد فإن كان الإنسان يقصد أن يشتغل بالمباح ليترك المحرم مثل من يشتغل بالنظر إلى امرأته ووطئها ليدع بذلك النظر إلى الأجنبية ووطئها أو يأكل طعاماً حلالاً ليشتغل به عن الطعام الحرام فهذا يثاب على هذه النية والفعل كما بين ذلك النبي بقوله وفى بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام أما كان عليه وزر فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال ومنه قوله إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته رواه أحمد وابن خزيمة في صحيحه، وقد يقال المباح يصير واجبا بهذا الاعتبار وأن تعين طريقا صار واجباً معيناً وإلا كان واجباً مخيراً لكن مع هذا القصد أما مع الذهول عن ذلك فلا يكون واجباً أصلاً إلا وجوب الوسائل إلى الترك وترك المحرم لا يشترط فيه القصد فكذلك ما يتوسل به إليه فإذا قيل هو مباح من جهة نفسه وأنه قد يجب وجوب المخيرات من جهة الوسيلة لم يمنع ذلك فالنزاع في هذا الباب نزاع لفظي اعتباري وإلا فالمعاني الصحيحة لا ينازع فيها من فهمها.
مجموع الفتاوى 10/ 533 – 534.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 02 - 06, 08:01 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذه النقولات المفيدة
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء والحلواء والعسل، فهل يستحب للمسلم محبة هذه الأطعمة ويحكم على من لم يحبها بأنه قد ارتكب مكروها؟ لأنه تركه المستحب؟
الكلام حفظك الله على استحباب فعل عادات النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قلنا أنها مستحبة فيكون تاركها قد ارتكب مكروها.
فعلى هذا من أحب أكل الضب فقد ارتكب مكروها، ومن كره الدباء فقد ارتكب مكروها،ومن ترك لبس النعال السبتية فقد ارتكب مكروها،وهكذا،.
وليس في نقلك السابق ما يجيب عن هذا الإشكال.
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[06 - 02 - 06, 09:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً على طرح هذه المسائل الطيبة، فقد سبق في بعض المشاركات السابقة بعض هذه الأمور، وكان عليكم أن تفيدون ببعض ما لديكم، ولا شك أن أقسام السنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وتقريره، وقد أرشدنا الله تبارك وتعالى إلى اتباعه فقال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، وقال لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. والتأسي يشمل جميع أقواله وأفعاله التشريعية، وأما أفعاله الجبلية كالأكل والشرب واللبس، إذا فعلها المسلم تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو مأجور على ذلك القصد والفعل إن شاء الله، كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه فلم أزل أحب الدباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه، وكقول جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: ومن صريح الإيمان حب ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه واتباع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله صلى الله عليه وسلم ألا ترى إلى قول أنس فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم
التمهيد لابن عبد البر 1/ 277
أما إذا فعلها لذاتها فهذا أيضاً جائز، والفرق بينهما أن الفعل الأول لقصد الإتباع، والتأسي، والثاني لحظ النفس وهو جائز أيضاً، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس بن مالك فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً ومرقاً فيه دباء وقديد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة قال فلم أزل أحب الدباء من يومئذ.
هذه من الأمور المباحة فمن فعلها اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم فهو مأجور إن شاء الله تعالى على قصده وفعله، كما فعل أنس وجابر، أما القول بأنها مستحبة فلا لأن هذا من الباب الجائز والجائز جائز فعله وجائز وتركه، وأما أكل الضب فقد أقر الصحابة على أكله فدل ذلك على الجواز، و قال صاحب مراقي السعود:
وفعله المركوز في الجبلة ** كالأكل والشرب فليس مله
من غير لمح الوصف والذي احتمل ** شرعاً ففيه قل تردد حصل.
¥