تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[طالب النصح]ــــــــ[02 - 04 - 02, 08:52 ص]ـ

يا سلام ...

جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين .. و آمين

أولاً وقبل كل شيء لجميع المشايخ الفضلاء المشاركين في إثراء هذا الموضوع والساحة بموضوعاتهم القيمة وتعقيباتهم المفيدة لهم مني ـو إن شاء الله من كل رواد الساحة ـ الشكر والتقدير والاحترام والدعاء المخلص بأن يجعل الله جهودهم في موازين حسناتهم.

ثانياً: أزيد هنا أيضاً ما قرره الشيخ عبدالسلام المباركفوري رحمه الله في كتابه سيرة الإمام البخاري ص274 من تقرير أن علم الحديث والإسناد لا مجال للاجتهاد فيه حيث قال رحمه الله: "من أهم المزايا التي يمتاز بها علم الحديث والإسناد أنه لا مجال فيه للإجتهاد والظن والتخمين فهو إما مشاهدات أو مسموعات فاتصال السند وتوثيق الرواة والمعاصرة بين الراوي والمروي عنه واللقاء بينهما والسماع هذه كلها أمور تتعلق بالمسموعات أو المشاهدات .... إلى آخر كلامه وهو طويل يصب كله في تقرير أن كلام أئمة الحديث على الرواة والأحاديث خبر لأن مبناه على المسموعات والمشاهدات ... (مستفاد من الإضافة بحث التخريخ لبازمول ص366).

والملاحظ هنا ما يلي:

1) أن هذه النقول كلها عن متأخرين، هل توجد نقول عن متقدمين في ذلك أعني في تقرير أن كلامهم على الرواة والأحاديث خبر لا اجتهاد فيه؟

2) الأئمة الذين صرّحوا بأن ذلك يدخله الاجتهاد هل يمكن أن يحمل كلامهم على محمل لا يتعارض مع تقرير أن كلام الأئمة خبر؟

وقد ظهر لي بالنسبة للسؤال الثاني شيء أعرضه بين أيديكم – حفظكم الله – لتسددوني وتبدون رأيكم فيه وهو:

أن الحكم بصحة الحديث هو حكم بتحقق الشروط الخمسة التي اشترطها أهل العلم لثبوته، وهي:

ـ اتصال السند.

ـ توفر العدالة الدينية في الراوي.

ـ توفر صفة الضبط في الراوي.

ـ انتفاء الشذوذ عن الخبر الذي يرويه.

ـ انتفاء العلة.

وهذه الجوانب من حيث هي أوصاف نقلها خبر محض، لكن انطباقها على الراوي ومنزلة الراوي التي ينزلها بحسب الوصف، ومحل خبره من القبول أو الرد أو الاعتبار، محل اجتهاد. ومن هذا الباب اشتراطهم في الجرح أن يكون مفسراً، حيث أن الوصف الجارح يختلف فيه، والأئمة منهم المتشدد ومنهم المتساهل ومنهم المتوسط، فلا بد من معرفة سبب الجرح. وهذا يوضح لك أن نقل أحوال الرواة، والعبارة عن وصف الحديث ليس خبراً خالصاً، بل يدخل فيه الاجتهاد من جهات، ـ وهي التي يتطرق منها الخطأ ـ منها ما يتعلق بالخبر عن حال الراوي، ومنها ما يتعلق بالخبر عن وصف الحديث سنداً ومتناً.

فأمّا ما يتعلق بالخبر عن حال الراوي، فإنه يتطرق إليه الخطأ من الجهات التالية:

الجهة الأولى: خبث الراوي بأن يكون لمّا علم بوجود الشيخ تلقاه بأحسن حديثه، فيذهب الشيخ ويصفه بوصف الضبط وهو ليس كذلك، وهذا نادر جداً لكنه يحصل أحياناً.

ومنه ما نبه عليه المعلمي اليماني رحمه الله في قوله في الفوائد المجموعة في تعليقة له عليها ص30 حيث قال: "عادة ابن معين في الرواة الذين أدركهم أنه إذا أعجبته هيئة الشيخ يسمع منه جملة من أحاديثه، فإذا رأى أحاديث مستقيمة ظن أن ذلك شأنه فوثقه، وقد كانوا يتقونه ويخافونه، فقد يكون أحدهم ممن يخلط عمداً، ولكنه استقبل ابن معين بأحاديث مستقيمة ولما بعد عنه خلط، فإذا وجدنا ممن أدركه ابن معين من الرواة من وثقه ابن معين وكذبه الأكثرون أو طعنوا فيه طعناً شديداً فالظاهر أنه من هذا الضرب، فإنما يزيده توثيق ابن معين وهناً، لدلالته على أنه كان يتعمد"اهـ.

وهذا في حق من انفرد ابن معين بتوثيقه وجرحه غيره جرحاً شديداً، وإلا فقد نقل أن ابن معين كان يمتحن الرواة و لا يكتفي بمجرد السماع.

الجهة الثانية: أن نقل الإمام لحال الراوي في وقت يختلف عن حاله في وقت آخر، فقد يكون الراوي في أول أمره ضابطاً، ثم يتغير بعد ذلك، فيحصل للشيخ معرفة بالراوي في أول أمره، فيوثقه، ثم لا يحصل للشيخ معرفة بآخر أمره. فاختلاف حال الراوي مع اختلاف وقت لقاء الأئمة به ينتج مثل هذا الاختلاف، ويتطرق الخطأ إلى حكم الأئمة.

الجهة الثالثة: قد يكون سبب الخطأ اختلاف حال الراوي في ضبطه فهو إذا روى من حفظه لا يضبط وإذا روى من أصوله فأصوله صحيحه، فيحصل أن الشيخ يسمع حديث الراوي في حال رواية الراوي له من حفظه، فيصفه بعدم الضبط، ويسمعه آخر وهو يروي من أصوله فيصفه بالضبط، ويتبين حاله لشيخ ثالث فيفصل في حاله.

الجهة الرابعة: قد يكون سبب تطرق الخطأ عدم إحاطة الشيخ في نظره على جميع أو أغلب حديث الراوي، فيكون حكمه مبنياً على ما اطلع عليه من حديث الراوي وما أطلع عليه لا يمثل الحكم الحقيقي عليه.

فمن هذه الجهات وغيرها يدخل في النقل لحال الراوي ما يوجب قبوله أو رده.

وكذا يدخل الاجتهاد في حكم الإمام على الأحاديث بالصحة أو الضعف، من جهة اعتبار الوصف المعين جارحاً أو غير جارح، فإن هذا مما يدخله الاجتهاد، كما يدخل الاجتهاد في المقدار من المخالفة الذي ينزل الراوي عن حد القبول إلى حد الرد؛ هذا محل الاجتهاد.

وبهذا يتقرر أن كلامهم خبر مشوب بالاجتهاد، فمن قال: إن كلامهم خبر نظر إلى اصل الموضوع، ومن قال: إن كلامهم اجتهاد نظر إلى هذه الجهات التي يتطرق منها الخطأ، فلا يكون تعرض بين كلام أهل العلم ...

ما رأيكم في هذا التقرير للتوفيق بين القولين؟ (أعني للتوفيق بين كون كلامهم خبر وبين أن كلامهم اجتهاد ينظر فيه).

بارك الله فيكم ووفقكم ... وشكر الله جهدكم ومسعاكم ... فقد أثريتم الموضوع بنقولاتكم وتوضيحاتكم ... نفع الله بكم الإسلام والمسلمين .. آمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير