فعاليّة جديدة والمشاركة للجميع: منهج الإمام البخاري في صحيحه
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[16 - 04 - 02, 06:15 ص]ـ
الإخوة الكرام روّاد منتدى العلوم الشرعية:
لا يخفى على طالب العلم مدى أهميّة الإحاطة بمناهج الأئمة الحفاظ في كتبهم. وعلى رأس هؤلاء الأئمّة أصحاب الكتب الستة.
ولا يتأتّى لأحد معرفة قدر الأئمّة المتقدّمين والاقتداء بهم إلا بعد الإحاطة بمناهجهم في مصنّفاتهم.
ونرغب في هذه السلسلة من فعاليات المنتدى أن يشارك الإخوة بما يعرفونه عن مناهج هؤلاء الأئمّة؛ مبتدئين بمنهج الإمام البخاري في صحيحه، ثم الإمام مسلم، وهكذا حتى نكمل الكلام على الكتب الستة.
ولعلّ ممّا يدخل في ذلك:
(*) منهج الإمام في ترتيب كتابه (ترتيب الكتب - الأبواب - الأحاديث).
(*) منهج الإمام فيمن روى عنه في كتابه، وشرطه فيه.
(*) مقصود الإمام بمصطلحاته في الحكم على الأحاديث والرجال.
(*) بعض ما انتقد على الإمام، مع المناقشة والترجيح.
وغيرها ممّا يراه الإخوة.
(*) ولا بأس بطرح الأسئلة والاستفسار عما يلاحظ على طريقة الإمام. وكذلك لا بأس بذكر بعض النكت والطرائف والعجائب المتعلّقة بمنهج الإمام من خلال تأمّل بعض مرويّاته.
كما نرجو من الإخوة مراعاة ما يلي:
(*) عدم التطرّق إلى المسائل غير الحديثيّة إلا إذا كانت تصبّ في نهر التوصّل إلى معرفة المنهج الحديثي عند الإمام.
(*) محاولة الكتابة بوضوح قدر الإمكان، حيث أنّه في النيّة ترتيب المشاركات ونقلها إلى صيغة وورد ووضعها في مكتبة المنتدى، إن شاء الله.
ولنبدأ بعون الله بمناقشة:
منهج الإمام البخاري في صحيحه
وفق الله الجميع لكلّ خير ... ونأمل المشاركة من الجميع.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 04 - 02, 08:33 م]ـ
بارك الله بك أخي الفاضل هيثم حمدان على إثارة هذه الموضوع النافع. وأنا حالياً بعيد عن مكتبتي فلا أستطيع أن أشارك في هذا الموضوع. ولكني أشير إلى بعض النقاط.
1 - الإمام البخاري كان من أئمة الفقه المجتهدين. وتبويبه يدل على فقه واسع وذكاء مفرط. وكم من حديث تظنه لا يتعلق بالباب ولكن بعد التأمل تجد أن فيه إشارة ولو بعيدة إليه. لكن هذا التفنن صار سيئة في صحيح البخاري لصعوبة الوصول إلى حديث معين. ولذلك تفوق صحيح مسلم على صحيح البخاري بحسن تبويبه.
2 - الإمام البخاري كان يمقت الأحناف. ولذلك كان حريصاً جداً إلى إيراد أي حديث يرد على الأحناف إن وافق شرطه. لذلك أي حديث يرد على الأحناف لا تجده في صحيح البخاري لا مسنداً ولا معلقاً، فهو قطعاً ليس على شرطه. وغالباً يكون ضعيفاً. إنظر نصب الراية لمزيد من الأمثلة.
3 - أخرج البخاري لعدد من المبتدعة الدعاة في صحيحه لكن ليس فيما ينشر بدعتهم. فأخرج للخوراج وللمرجئة وللقدرية وللشيعة وللنواصب من الدعاة ومن غير الدعاة. ولكن لا أعلم له حديثاً أخرجه لمبتدع يدعو فيه لبدعته.
4 - وشرط البخاري أشد من شرط مسلم، وهو أعلم منه بالعلل وبالفقه. وهو لا يكتف بمجرد المعاصرة بين الراويين غير المدلسين في الحديث المعنعن ليحكم عليه بالاتصال، بل لا بد من ثبوت التحديث بين هذين ولو مرة واحدة. بخلاف مسلم الذي يكتفي بالمعاصرة. ولذلك كان سبب أغلب الأحاديث الضعيفة عند مسلم، هو انقطاع في السند. وما تبقى هو نتيجة ضعفٍ من الراوي. وهذا لا يقدح بإمامة البخاري ولا مسلم، ولا بمكانة صحيحيهما. لكن الله يأبى العصمة لكتابٍ إلا كتابه العزيز.
5 - البخاري قد يروي بالمعنى (وهذا نادرٌ للغاية كما ثبت بالمقارنة وكما أشار الصنعاني). ومسلم شديد العناية باللفظ ولا يحدث إلا من أصوله. فإذا اختلف اللفظ بينهما عن نفس الشيخ، كان لفظ مسلم هو الراجح. وقد يكون غير ذلك إن اختلف الشيخ.
6 - لا بُدّ من التفريق بين ما علقه البخاري في صحيحه بصيغة جزم (وهو صحيح لكن على غير شرط كتابه)، وبين ما علقه بصيغة التمريض (وهو من نوع الحسن الضعيف الذي يحتمل الصحة إن لم يبين علته)، وبين ما أسنده في كتابه في قسم الأحكام (وهو الصحيح على شرط البخاري).
7 - غالب ألفاظ الأحاديث التي انتقدوها على البخاري قد أخرجها بلفظها الصحيح في موضع آخر من كتابه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" (ص86)، وهو في "مجموع الفتاوى" (1\ 256):
«ولا يبلغ تصحيح مسلم مبلغ تصحيح البخاري. بل كتاب البخاري أجلُّ ما صُنِّف في هذا الباب. والبخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعِلله، مع فقهه فيه. وقد ذكر الترمذي أنه لم ير أحداً أعلم بالعلل منه. ولهذا كان من عادة البخاري إذا روى حديثاً اختُلِفَ في إسناده أو في بعض ألفاظه، أن يذكر الاختلاف في ذلك، لئلا يغترَّ بذكره له بأنه إنما ذكره مقروناً بالاختلاف فيه. ولهذا كان جمهور ما أُنكر على البخاري مما صحّحه، يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه. بخلاف مسلم بن الحجّاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه».
إنظر تتمة كلام شيخ الإسلام هنا: http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=149
8- وهو أيضاً يتساهل في غير الأحكام كما ثبت لي بالاستقراء وكما أشار إليه بعض الحفاظ.
مثال: حديث الإستخارة في إسناده ضعف، ولكنه دعاء في أي حال!
مثال: حديث من عادى لي ولياً فقد آذنني بالحرب، حديث ضعيف بكل شواهده كما بين الذهبي في الميزان وابن رجب في جامع العلوم والحكم. لكن ليس فيه أحكام فقهية. ومعناه حسن.
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وهو حديث جميل جداً لكن إسناده فيه ضعف ليس بشديد.
9 - الشائع أن البخاري لم يخرج في صحيحه عن الأحناف. قلت: بل قد فعل وخاصة عن أحد تلاميذ الأعمش الذي كان يميز بين تدليسه وسماعه.
هذا ما تيسر لي والله أعلم.
¥