100. الإجماع قائم على أنها بعض آية من سورة النمل, كما أن الإجماع قائم على أنها ليست بآية من سورة براءة, ويبقى الخلاف فيما عدا ذلك, فمن أهل العلم من يرى أنها آية, ومنهم من يرى أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها, ومنهم من يقول هي آية من الفاتحة دون غيرها, ومنهم من يقول هي آية واحدة كررت في مائة وثلاثة عشر موضعاً للفصل بين السور, فهناك فرق بين أن تكون البسملة آية واحدة وبين أن تكون مائة وثلاث عشرة آية. وكأن شيخ الإسلام يميل إلى أنها آية واحدة لا من سورة بعينها وإنما تنزل للفصل بين السور.
101. يستدل من يقول بأنها آية من كل سورة بإجماع الصحابة على كتابتها في المصحف, إذ كيف يدخلون في القرآن ما ليس منه. ومن نفى كونها آية احتج بوجود الخلاف إذ لو كانت آية لما ساغ الخلاف فيها لأنه لا يسوغ الخلاف في حرف من القرآن فضلاً عن آية أو كلمة.
102. الشافعية يرون البسملة آية من الفاتحة وهو رواية في المذهب عند الحنابلة, وغيرهم لا يرونها آية.
103. الفاتحة سبع آيات وهي السبع المثاني - القول بأنها ست آيات أو ثمان آيات كل ذلك أقوال شاذة - ونقل الاتفاق على أنها سبع آيات ويدل على ذلك قوله تعالى (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) فإذا اعتبرنا البسملة آية جعلنا الآية الأخيرة آية واحدة أو نجعلها آيتين كما عليه المذاهب الأخرى, ويستدل من يرى بأنها ليست بآية من الفاتحة بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين).
104. سمي نعيم مجمراً لأنه أُمِر بتجمير مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة حين ينتصف النهار في زمن عمر رضي الله عنه.
105. حديث نعيم المجمر في صلاته وراء أبي هريرة يدل على الجهر بالبسملة, لكن من حيث الدليل الإسرار أقوى, لكن لو جُهِر بها أحياناً فلا بأس.
106. قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع في رسالته إلى أهل مكة (ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة لكن لا نصلي خلف من لا يطمئن في صلاته) لأن الخلاف في البسملة أمره سهل والنصوص محتملة والأمر فيه سعة, والأقوى عدم الجهر.
107. التأمين بعد قراءة الفاتحة سنة داخل الصلاة وخارجها لأن الأمر خارج الصلاة أوسع.
108. تكبيرات الانتقال والتسميع سنة عند الجمهور, لكنها والتسميع من واجبات الصلاة عند الحنابلة لأنه لم يُذكر ولا في حديث واحد من أحاديث صفة الصلاة أنه صلى من غير تكبير وقد قال عليه الصلاة والسلام (صلوا كما رأيتموني أصلي).
109. قوله (والذي نفسي بيده) فيه إثبات اليد لله عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته, وكثير من الشراح يقولون (والذي روحي في تصرفه) , وهذا فرار من إثبات صفة اليد, لكن إذا قاله من عُرِفَ بإثبات الصفات فإنه يُقبَل كلامه لأنه لم يرد بذلك الفرار من الإثبات, وكون الروح تحت تصرف الله كلام صحيح لا إشكال فيه, لكن من يقول ذلك ليحيد عن إثبات صفة اليد فإنه يرد عليه.
110. حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة له حكم الرفع لقول أبي هريرة (والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو حديث صحيح.
111. حديث أبي هريرة (إذا قرأتم الفاتحة فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها إحدى آياتها) نص على أن البسملة آية من آيات الفاتحة وبه وبمثله يستدل الشافعية, لكنه حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج. الدار قطني في السنن رواه مرفوعاً وموقوفاً لكنه في العلل صوَّب وقفه على أبي هريرة, يعني هو من اجتهاد أبي هريرة, فليس فيه دليل على أنها آية من الفاتحة.
112. حديث أبي هريرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال آمين): الأكثر وهو الصحيح على أنها (آمين) بالمد بمعنى (يا الله استجب دعائنا) وقاله بعضهم بالقصر (أمين) ويروى التشديد والمد عن جعفر الصادق (آمِّين) أي قاصدين. والحديث يشهد له حديث وائل بن حجر فهو صحيح لغيره.
113. المؤمِّن على الدعاء يعتبر داعياً لقوله تعالى (قال قد أجيبت دعوتكما) والداعي هو موسى عليه السلام هارون عليه السلام يؤمِّن فسمى التأمين دعوة.
114. قوله (رفع صوته) فيه رفع الصوت بالتأمين للإمام والمأموم, والأمر بذلك ظاهر في قوله عليه الصلاة والسلام (وإذا قال ولا الضالين فقولوا آمين) وثبت أن المسجد كان يرتج من اجتماع صوتهم بالجهر بالتأمين.
115. جاء في الحديث في البخاري وغيره (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي الحديث (وإذا قال ولا الضالين فقولوا آمين) فالتأمين سنة للإمام والمأموم ويسن لهم الجهر به خلافاً للحنفية.
116. إذا جاء والإمام يقرأ في السورة بعد الفاتحة فإن الفاتحة تلزمه وأما حديث (وإذا قرأ فأنصتوا) فهو مخصوص بحديث عبادة.
117. الفاتحة لازمة في كل ركعة وإن قال بعضهم تجزئ قراءتها مرة واحدة لكن المتجه والمرجح أنها تجب في كل ركعة.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك ليلة الجمعة الرابع من شهر ربيعٍ الأول عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده ضحى يوم السبت الثاني عشر من الشهر نفسه, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.
¥